كتاب المهيأ في كشف أسرار الموطأ (اسم الجزء: 4)

ابن حجر (¬1) أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت أعتقت جارية لها عن دُبُرٍ منها، أي: عقب من موتها ثم أي: بعد إعتاقها بها وأن عائشة رضي الله عنها بعد ذلك أي: بعد إعتاقها بها اشتكت أي: مرضت ما شاء الله أي: مدة شاء الله تعالى أن تشتكي ثم دخل عليها وفي نسخة: إنه أي: الشأن دخل عليها أي: على عائشة رضي الله عنها رجل سِنْديّ، بكسر السين المهملة وسكون النون وكسر الدال نسبة إلى السند من بلاد الهند، كانت في الإِقليم الثالث من الأقاليم السبعة فقال لها: أنت مَطْبُوبة، أي: مسحورة والسحر بكسر السين وسكون الحاء المهملتين كل شيء لطف ودنى سببه قالت له أي: للرجل السندي عائِشة: رضي الله عنها ويلك، بفتح الواو وسكون (ق 871) التحتية وفتح اللام كلمة تستعمل في محل الغضب والخزي ونصبها بفعل مقدر ومضاف إلى كاف الخطاب، تقديره: أوصلك الله ويلًا أي: عذابًا وإنما قدم المفعول الثاني، وهو الويل على المفعول الأول، وهو كاف الخطاب اهتمامًا بشأنه، لكن كلمة الويل هنا بمعنى الويح، وهو بفتح الواو وسكون التحتية والحاء المهملة كلمة بمعنى الترحم فالمعنى رحمك الله أي: ليرحمك الله ومن طبّني، قال: امرأة من نعْتها أي: من وصفها كذا وكذا، وهما كلمتان مركبتان من كاف التشبيه وذا للإِشارة مكنيًا عن العدد كذا قاله ابن هشام فوصفها، وقال: إن في حَجْرها الآن بفتح الهمزة وسكون اللام ومد الهمزة ثم نون، أي: زمان آنت فيه في الحال صبيّا قد بال، فقالت عائشة: أي: لبعض أصحابها أو خدمها ادعو لي فلانة جارية وفي نسخة: لجارية لها كانت تخدُمها، أو هي التي دبرتها فوجدوها في بيت جيران لهم في حَجْرها صبيّ، فقالوا لها قومي اذهبي إلى عائشة فإنها تطلبك فقالت: الآن أجيبها فلتصبر علي حتى أغسل بول هذا الصبيّ، فغسلته ثم جاءت، فقالت لها أي: لجارية عائشة أسحرتني؟ بإشباع كسرة التاء قالت: نعم، قالت: لِمَ؟ قالت: أحببت العتق، قالت: أي: عائشة فو الله لا تعتقين بصيغة المجهول أبدًا، وتأكيدًا لعدم عتقها بالقسم والتأكيد من الدلالة على غاية قبحها ما لا يخفى، وهل يوجد شيء أقبح من السحر والكفر، وجمهور العلماء يوجبون قتل الساحر، كما في مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد في المنصوص عنه، وهنا هو المأثور عن الصحابة كعمر وابن عمر وعثمان وغيرهم، ثم اختلف هؤلاء هل يستتاب أم لا، وهل يكفر بالسحر أم يقتل لسعيه في الأرض الفساد.
¬__________
(¬1) في التقريب (1/ 750).

الصفحة 143