كتاب المهيأ في كشف أسرار الموطأ (اسم الجزء: 4)

عليه في ذلك أي: الرد ضمان أي: غرامة لصاحبها إن ضاعت، وهذا القول المفصل روى محمد عن أبي حنيفة، وقدر محمد في الأصل مده التعريف بالحول من غير تفصيل بين القليل والكثير، وهو قول مالك والشافعي لما روى الشيخان (¬1) عن زيد بن خالد الجهني قال: سأل رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن اللقطة فقال: عرفها سنة ثم اعرف عفاصها أي: وعائها ووكائها أي: رباطها ثم استبقها فإن جاء صاحبها فردها، والصحيح أن شيئًا من هذه التقادير ليس بلازم وأن تفويض التقدير إلى رأى الأخذ لإِطلاق حديث مسلم عن أبي بن كعب (ق 883) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في اللقطة: "فإن جاء أحد يخبرك بعددها وعائها ووكائها فأعطه، إياها وإلا فاستمتع بها" وفي رواية: "وإلا فهي كسبيل مالك"، وما روى من التقييد بالسنة لعلة لكون اللقطة المسئول عنها كانت تقتضي ذلك، أو لأن الغالب في اللقطة شيئًا يعلم أن صاحبه لا يطلبه كالنواة وقشر الرمان يكون إلقاؤه إباحة حتى جاز الانتفاع به من غير تعريف، ولكنه يبقى على ملك مالكه أن التمليك من المجهول لا يصح وملك المبيح لا يزول بالإِباحة. كذا قاله علي القاري بتشديد التحتية نسبة إلى قارة بطن من خدمة بن مدركة.
* * *

853 - أخبرنا مالك، حدثنا يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيَّب، قال: قال عمر وهو مسند ظهره إلى الكعبة: من أخذ ضالة فهو ضال.
قال محمد: وبهذا نأخذ، وإنما يَعني ذلك: من أخذها لِيَذْهَبَ بها، فأما من أخذها ليردّها وليعرّفها، فهذا لا بأس به.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا مالك أخبرنا، وفي نسخة: حدثنا يحيى بن سعيد، وقد سبق ترجمته من قبل عن سعيد بن المسيَّب، بكسر الياء وفتحها قال: قال
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (91) ومسلم (1722).
(853) إسناده صحيح: أخرجه مالك (528) وابن أبي شيبة (5/ 195) وعبد الرزاق في مصنفه (18612) والبيهقي في الكبرى (12307).

الصفحة 163