كتاب المهيأ في كشف أسرار الموطأ (اسم الجزء: 4)

مالك، ثقة كان في الطبقة السادسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة ثمان وأربعين ومائة أن زيدًا أبا عيّاش بفتح العين المهملة وتشديد التحتية فألف وشين معجمة تابعي مدني ثقة صدوق مولى لبني زهرة، بضم الزاي وسكون الهاء، وهو زهرة بن كلاب أخبره أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن اشتراء البيضاء (ق 799) أي: الشعير كما ورد بوجه آخر ولا خلاف فيه عن مالك، ووهم وكيع فقال عنه: الذرة، ولم يقله غيره، والبيضاء عند العرب الشعير والسمرة عندهم البر. قاله أبو عمر بالسُّلْت، بضم السين المهملة وسكون اللام حب بين الحنطة والشعير في طبعه وبرودته كذا قاله الأزهري.
وقال الجوهري: قيل: إنه ضرب من الشعير لا قشر له انتهى. فقال له سعد: كما في (الموطأ) لمالك أيهما أفضل؟ أي: أكثر في الكيل والكمية أن لا عبرة بالكيفية من جهة القواعد الشرعية في باب الأموال الربوية قال: البيضاء، أي: الشعير قال: فنهاني عنه، أي: عن بيعها بها متفاضلًا، لتقاربهما في المنفعة والخلقة وغيرها وقال: أي: سعد محتجًا لفتواه بالمنع إني سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن اشتراء التمر بالرطب، فقال أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما في (الموطأ) لمالك: "أينقص الرطبُ إذا يبس؟ "، قالوا: نعم، فنهى عنه أي: عن بيع التمر بالرطب لعدم التماثل رواه أصحاب السنن الأربعة، أي: النسائي والترمذي وأبو داود وابن ماجه رحمهم الله تعالى، فقاس سعد ما سئل عنه من الشعير والسلت على ما سئل - صلى الله عليه وسلم - من التمر بالرطب بجامع تقارب المنفعة.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه سعد بن أبي وقاص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا خير في أن يشتري الرجل قُفِيز رطب بقفيز تمر، يدًا بيد، أي: ولو كانا مقبوضين في مجلس العقد؛ لأن الرطب ينقبض إذا جف، أي: يبس فيصير أقل من قفيز، أي: فيدخل في رباء المتفاضل فلذلك فسد البيع فيه وهذا قولهما، وبه قال مالك والشافعي وأحمد، وجوز أبو حنيفة رحمه الله بيع الرطب بالتمر مثلًا بمثل لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عبادة بن الصامت: "والتمر بالتمر مثلًا بمثل والملح بالملح مثلًا بمثل سواء بسواء يدًا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كانت يدًا بيد" (¬1) وذلك أن الرطب إن كان تمرًا أجاز البيع بأول الحديث، وهو قوله: التمر بالتمر، وإن كان غير تمر جاز
¬__________
(¬1) صحيح، تقدم.

الصفحة 17