كتاب المهيأ في كشف أسرار الموطأ (اسم الجزء: 4)

ومالك لا يقول بهذا لأنه جاء من وجوه أن بنته كانت حرة، أمها حرة والمكاتب لا يرثه وارث إذا مات قبل العتق وإنما يرثه من معه من ورثته في كتابته وإلا فكله لسيده كما قضى به عمر، وقال زيد بن ثابت رضي الله عنه، كذا قاله السيد الفاضل محمد الزرقاني (¬1).
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما قاله حميد بن قيس المكي وهو أي: ما قاله حميد بن قيس قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا أي: المكاتب إذا مات أي: وله مال بدئ بصيغة المجهول بديون الناس، ثم مكاتَبَتِه، أي: بقية من بدل كتابته فإنها دين عليه ثم ما بقي أي: من المال كان ميراثًا لورثته الأحرار من كانوا أي: رجالًا ونساء من أصحاب الفروض والعصبات، أما أصحاب الفروض فاثنى عشر نفر أربعة منها من الرجال وهم الأب والجد وهو أب الأب وإن علا والأخ لأم والزوج، وثمان منها من النساء، وهن الزوجة والبنت وبنت الابن وإن سفلت والأخت لأب وأم الأخت لأب والأم والجدة الصحيحة، وأما العصبات فثلاثة أنواع أولها عصبة نسبية، وثانيها عصبة غير نسبية فاطلب تفصيلها في كتب الفرائض.
فالحاصل أن المكاتب إذا مات عن وفاء ولم يفسخ كتابتة وقضى للبدل من ماله وحكم بموته حرًا؛ لأن البدل بموته انتقل إلى تركته كسائر الديون، فإن أدى منها صار كأدائه بنفسه قبل الموت وحكم بإرث ورثته منه ما بقي من ماله وحكم بعتق أولاده حال كونهم ولد أو في كتابته، أو حال كونهم شراهم أو حال كونه كوتب وولده صغيرًا؛ لأن هؤلاء يتبعونه في الكتابة فيتبعونه في عتقه، أو حال كونه كوتب هي وولده كبيرًا بكتابته واحدة؛ لأنهما صارا باتحاد الكتابة كشخص واحد، فإذا حكم بعتق أحدهما في وقت حكم بعتق الآخر فيه هذا لو عجز طاب ما أدي لسيده الذي ليس بمصرف الصدقة؛ لأنه أدى إليه من صدقة تصدق بها عليه، فإن الملك قد تبدل وتبدل الملك كتبدل العين كما أنه أشار إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث بريرة (¬2) حيث قال في الحكم الذي تصدق به عليها: هو لها صدقة ولنا هدية، وصار كالفقير يموت عن صدقة أخذها حيث تطيب لوارثه الغني، وكالفقير إذا استغنى حيث تطيب له ما أخذه من الزكاة (ق 888) حال الفقر وكابن السبيل إذا أخذ الصدقة ثم إذا وصل إلى ماله ومعه شيء منها حيث يطيب له؛ لأن المحرم على
¬__________
(¬1) انظر شرح الزرقاني (4/ 129).
(¬2) أخرجه البخاري (1422).

الصفحة 171