كتاب المهيأ في كشف أسرار الموطأ (اسم الجزء: 4)

قال محمد: إنما كان يراد بهذا القبض؛ لئلا يبيع شيئًا من ذلك حتى يقبضه، فلا ينبغي أن يبيع شيئًا اشتراه رجل حتى يقبضه.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد، أخبرنا مالك، وفي أخرى: محمد ثنا مالك حدثنا نافع، عن عبد الله بن عمر، أنه قال: كنا نبتاع الطعام أي: نشتري في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي: تارة في مكانه وتارة في غيره فبعث أي: يرسل - صلى الله عليه وسلم - علينا من يأمرنا محله نصب على أنه مفعول يبعث بانتقاله أي: بتحويل المتاع من المكان الذي نبتاعه أي: نشتري المبيع فيه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه لأن بنقله يحصل قبضه وهذا قد خرج مخرج الغالب، والمراد القبض، وفرق مالك في المشهور عنه الجزاف، فأجاز بيعه قبل قبضه، لأنه مريء فيكفي فيه التخلية بينه وبين الكيل والموزون فلا بد من الاستيفاء، وقد روين أحمد عن ابن عمر مرفوعًا: "من اشترى بكيل أو وزن فلا يبعه حتي يقبضه"، ففي قوله: بكيل أو وزن دليل على ما خالفه بخلافه، وجعل مالك رواية: حتى يستوفيه تفسيرًا الرواية: حتى يقبضه؛ لأن الاستيفاء لا يكون إلا بالكيل والوزن على المعروف لغة: قال الله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين: 2، 3] والحديث أخرجه مسلم عن يحيى عن مالك كذا قاله الزرقاني (¬1).
قال محمد: إنما كان يراد بهذا القبض؛ لئلا يبيع شيئًا من ذلك أي: المبيع حتى يقبضه، فلا ينبغي أن يبيع شيئًا اشتراه رجل حتى يقبضه وروى أبو داود (¬2) وابن حبان في صحيحه والحاكم (¬3) في مستدركهـ وصححه عن عبد الله بن عمر قال: ابتعت زيتًا في السوق لما استوجبته لقيني رجل فأعطاني فيه ربحًا حسنًا، فأردت أن أضرب على يده، فأخذ رجل من خلفي بذراعي، فالتفت فإذا هو زيد بن ثابت، فقال: تبعه حيث ابتعته حتى تجوزه أي: تنتقله إلى رحلك، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تباع السلعة حيث يبتاع حتى تجوزها التجار إلى رحالهم. هذا وصح تصرف البائع في الثمر قبل قبضه لعدم المانع. كذا قاله علي القاري.
¬__________
(¬1) في شرحه (3/ 368).
(¬2) رقم (3499).
(¬3) (2/ 46).

الصفحة 21