كتاب المهيأ في كشف أسرار الموطأ (اسم الجزء: 4)

طعامًا ما لم يكن أي: البيع في زرع أي: في زراعة لم يبد صلاحه، أي: لم يظهر أو في ثمر أي: على شجر لم يبد صلاحه، أي: بأن لم يؤمن فساده فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار وعن شرائها حتى يبدو صلاحها أي: كما مر والزرع في حكم الثمر.
قال محمد: وهذا أي: ما تقدم عندنا لا بأس به، وهو السَّلم، بفتحتين وهو المسمى ببيع السلم، وهو في اللغة السلف، وفي الشرع بيع أجل بعاجل يُسْلِمه الرجل أي: يقدم الثمن في طعام أي: معلوم قدره وجنسه كبر وشعير إلى أجل معلوم، وأقله شهر. كذا وروى عن محمد وهو الأصح وعليه الفتوى بكيل معلوم، من صنف معلوم، أي: نوع ووصف كجيد ولا خير أي: لا فائدة في أن يشترط ذلك أي: دفعه أو أخذه من زرع معلوم أو من نخل معلوم، أي: لاحتمال فسادها بالعاهة والآفة وهو أي: عدم الفائدة في الشرط في صحة السلم أن يكون المسلم فيه من زرع معلوم ونخل معلوم قول أبي حنيفة رحمه الله ويدل على صحة السلف الكتاب والسنة والإِجماع كما مر آنفًا.
لما فرغ من بيان ما يتعلق بالسلم ما يكال فيما باع، شرع في بيان ما يتعلق بالبيع بشرط سلامة المبيع عن عيب شرعي، فقال: هذا
* * *

باب بيع البراءة
في بيان ما يتعلق إلى بيع أي: من شرط البراءة أي: براءة المبيع من عيب شرعي.
774 - أخبرنا مالك، حدثنا يحيى بن سعيد، عن سالم بن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر: أنه باع غلامًا بثمانمائة درهم بالبراءة، فقال الذي ابتاع العبدَ لعبد الله بن عمر: بالعبد داء لم تسمِّه، فاختصما إلى عثمان بن عفان، فقال الرجل: باعني عبدًا وبه داء، فقال ابن عمر: بعته بالبراءة، فقضى عثمان على ابن عمر أن يحلف بالله: لقد باعه العبد وما به داء يعلمه، فأبى عبد الله بن عمر أن يحلف، فارتجع الغلام فصحّ عنده العبد، فباعه عبد الله بن عمر بعد ذلك بألف وخمسمائة درهم.
¬__________
(774) إسناده صحيح.

الصفحة 32