كتاب المهيأ في كشف أسرار الموطأ (اسم الجزء: 4)

كأنكم عبيد، فإنما الناس: مُبتلىً ومعافىً، فارحموا أهل البلاءِ واحمدوا الله على العافية.
• أخبرنا مالك، قال: أي: مالك بلغني أن عيسى ابن مريم كان يقول: لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله بل أكثر واذكر الله حتى يقول مخبول كما ورد وقد قال الله تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28] فتقسوا بالنصب قلوبكم، أي: بسبب الغفلة عن ذكر الله، وقال تعالى في سورة الزمر: {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} الآية [الزمر: 22] فلا ينفعها عظة ولا يثبت فيها حكمة فإن القلب القاسي بعيدٌ عن الله أي: من رحمته تعالى ولكن لا تعلمون، أي: ذلك لغفلتكم وهذا قد جاء مرفوعًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإنه قسوة للقلب وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي" رواه الترمذي (¬1) عن ابن عمر ولا تنظروا عطف على قوله: لا تكثروا في ذنوب الناس أي: في عيوبهم كأنكم أرباب، أي: سادات وانظروا فيها أي: في ذنوبكم كما في (الموطأ) لمالك برواية يحيى كأنكم عبيد، أي: يخافون إطلاع ساداتهم على ذنوبهم فيحذرون فإنما الناس: مُبتلىً أي: بالذنوب ومعافىً، أي: يتجاوزون عنها فإنهم لا يخلون عن الحالين فارحموا أهل البلاءِ أي: بنحو الدعاء برفعه عنهم وعدم النظر إلى ذنوبهم وهتكهم بها واحمدوا الله على العافية أي: صحة أبدانكم وسائر النعم ليديم ذلك عليكم قال تعالى في سورة إبراهيم: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7].
* * *

977 - أخبرنا مالك، حدثني سميّ مولى أبي بكر، عن أبي صالح
¬__________
(¬1) الترمذي (2411) وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث إبراهيم بن عبد الله بن حاطب.
(977) حديث صحيح أخرجه البخاري (3/ 10) (4/ 71) (7/ 100) ومسلم في الإِمارة (179) وابن ماجه (2882) وأحمد في المسند (2/ 236) والدارمي (2/ 286) والبيهقي في الكبرى (5/ 259) والقضاعي في مسند الشهاب (225) وأبو نعيم في الحلية (6/ 344) والخطيب في تاريخه (2/ 53) (7/ 284) (10/ 94) وابن عدي في الكامل (1/ 302) (3/ 904) (4/ 1446) (5/ 1684) والعقيلي في الضعفاء (2/ 69).

الصفحة 346