كتاب المهيأ في كشف أسرار الموطأ (اسم الجزء: 4)

أن تقطع لإِخوانِنا من قريش مثلها، مرتين أو ثلاثًا، فقال: "إنكم سترون بعدي أثَرةً فاصبروا حتى تلقوني".
• أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، أنه سمع أنس بن مالك يقول: دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأنصار ليقطع لهم أي: من إقطاع الأراضي بالبَحْرين، أي: وهو اسم بلد قريب بالبصرة فقالوا: لا والله، أي: لا نرضى عطيتنا إلا أن تقطع لإِخواننا من قريش أي: من المهاجرين مثلها، أي: نظير عطيتنا مرتين أو ثلاثًا، أي: ثلاث مرات فإن لهم علينا فضلًا وهذا من كمال علمهم وزهدهم كما أشار إليه قوله تعالى في سورة الحشر: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] فقال: أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - "إنكم سترون بعدي أي: بعد موتي أثَرةً بفتحتين والمعنى أنه يتأثر عليكم فيفضل غيركم في نصيبه من الغنى أو في استحقاقه من مناصبه العلية كالإِمارة والإِمامة والقضاء والخطابة فاصبروا حتى تلقوني" أي: يوم القيامة على حوضي كما في رواية.
وحاصله أن أجركم على الله في العقبى بما تصبرون على ما تكرهون في الدنيا، والحديث رواه أحمد (¬1) والشيخان (¬2) والترمذي (¬3) والنسائي (¬4) عن أسيد بن حضير وأحمد والشيخان عن أنس بلفظ: "إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني غدًا على الحوض".
* * *

983 - أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي، قال: سمعتُ علقمة بن وقاص يقول: سمعتُ عمر بن الخطاب يقول: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنما الأعمال بالنيّة، وإنما لامرئٍ ما نوى،
¬__________
(¬1) أحمد (1/ 119، 433).
(¬2) البخاري (3/ 150) ومسلم (الزكاة / 139).
(¬3) الترمذي (2190).
(¬4) النسائي (8/ 225).
(983) إسناده صحيح: أخرجه البخاري (1) وغيره.

الصفحة 352