كتاب المهيأ في كشف أسرار الموطأ (اسم الجزء: 4)

1004 - أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيَّب، في قول الله عز وجل: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ}، قال: سمعته يقول: إنها قد نُسِخت بالآية التي بعدها، ثم قرأ: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}.
قال محمد: وبهذا نأخذ، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا، لا بأس بتزويج المرأة وإن كانت قد فجرت، وإن تزوجها من لم يفجر.
• أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، أي: ابن قيس الأنصاري المدني يكنى أبا سعيد القاضي ثقة ثبت، كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة أربع وأربعين ومائة عن سعيد بن المسيَّب، في قول الله عز أي: غلب في حكمه وجل: أي: ظهر على خلقه في سورة النور: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} أي: غالبًا، نزلت حين استأذن أصحاب الصفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينكحوا الزواني في المدينة، وكانت لهن علامات يعرفن بها وكن أكثرهم أهل المدينة خيرًا، والمدينة غالية السعر، وقد أصابهم الجهد والفاقة، وقالوا: إذا جاء الله بالخير نطلقهن وننكح المسلمات، فمنعهم الله عن ذلك بهذه الآية، ومعناها: أن الزاني لا يرغب في نكاح الصالحات من النساء، وإنما يرغب فاسقة زانية من شكله، {وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ}، أي: وكذا لا يرغب في نكاحها الصالح من الرجال وينفر عنها، وإنما يرغب فيها من هو شكلها من الفسقة أو المشركين؛ لأن الخبيثات للخبيثين وظاهره أنه إخبار عما يقع كثيرًا.
وقيل: مبناه خبر ومعناه نهي ويدل عليه قوله تعالى: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ} [النور: 3] أي: نكاح الزانية ورغبته فيها على المؤمنين أي: الممدوحين عند الله لما فيه التشبه بالفساق، وحضور موضع التهمة والغيبة قيل: كان التحريم في أول الإِسلام ثم نسخ كما قال: أي: يحيى بن سعيد سمعته أي: سعيد بن المسيب حال كونه يقول: إنها أي: القصة قد نُسِخت بالآية التي بعدها، ثم قرأ: أي: مبينًا لها {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} أي: زوجوا من لا زوج له من الرجال والنساء بكرًا كان أو ثيبًا، وهو جمع أيم وأصلها أيايم فقلبت قلبًا مكانيًا فصار
¬__________
(1004) إسناده صحيح.

الصفحة 371