كتاب المهيأ في كشف أسرار الموطأ (اسم الجزء: 4)

ألا ترى أنه جعل ما بين الظهر والعصر أكثر ما بين العصر والمغرب في هذا الحديث، ومن عجّل العصر كان ما بين الظهر إلى العصر أقل مما بين العصر إلى المغرب، فهذا الحديث يدل على تأخير العصر، وتأخير العصر أفضل من تعجيلها، ما دامت الشمس بيضاءَ نقية لم تُخالطها صُفرة، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا رحمهم الله تعالى.
• أخبرنا مالك، حدثنا عبد الله بن دينار، العدوي مولاهم، يكنى أبا عبد الرحمن المدني مولى ابن عمر، ثقة كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة سبع وعشرين ومائة {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] جامعة لمواقيت الصلوات الخمس، كأنها في دلوك الشمس تناول صلاة الظهر والعصر إلى غسق الليل، تناول المغرب والعشاء، وقرآن الفجر هو صلاة الصبح أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أخبره، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما أجَلُكم أي: مدة عمركم فيما خلا أي: في جنب ما مضى من الأمم، أي: السابقة كلهم أو اليهود والنصارى الأول أظهر فتدبركما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس، أي: في القلة بالنسبة إلى ما مضى من صدر النهار أو من أول الزوال وهو المناسب لما نحن فيه من المقال وإنما مَثَلكم ومَثَل اليهود والنصارى: أي: في القرابة كرجل أي: مثلًا استعمل عاملًا، أي: طلب منهم العمل والعمال جمع عامل فقال: من يعمل لي إلى نصف النهار وهو وقت الزوال على قيراطٍ قيراط؟ أي: ليكون لكل عامل قيراط لا لمجموع العمال وهو نصف دانق، وهو سدس الدرهم، وأصله قراط بتشديد الراء؛ لأن جمعه قراريط فأبدل من إحدى حرفي تضعيفه ياء كما في دينار دنانير كذا قاله الجمهور.
وقال الجوهري: وأما القيراط الذي في الحديث فقد جاء فيه أنه قيل: جبل أحد انتهى كما لا يخفى قال: أي: الرجل مثل حال الفريقين فعملت اليهود، أي: على أن يكون لكل منهم قيراط إلى نصف النهار ثم قال: أي: الرجل الممثل بها من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط؟.
قال الطيبي: القيراط جزء من أجزاء الدينار وهو نصف عشره في أكثر البلاد فعملت النصارى على قيراط قيراط، ثم قال: من يعمل لي من صلاة العصر إلى مغرب

الصفحة 375