كتاب المهيأ في كشف أسرار الموطأ (اسم الجزء: 4)

مولاهم، يكنى أبا عبد الرحمن المدني مولى ابن عمر، ثقة تابعي، كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة سبع وعشرين ومائة عن عبد الله بن عمر: رضي الله تعالى عنهما أن رجلًا هو حبان بن منقذ بفتح الحاء المهملة وتشديد الموحدة، ومنقذ بضم الميم وسكون النون وكسر القاف والذال المعجمة، وهو الأنصاري كما قاله ابن ماجه في (سننه) والبخاري في (تاريخه)، كذا قاله ابن عبد البر، وقال: وهو أصح ذَكَرَ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنه يُخْدَع بضم التحتية وسكون الخاء المعجمة وفتح الدال المهملة فعين مهملة، أي: يراد به المكروه ويغبن غبنًا فاحشًا في البيع، أي: من حيث لا يعلم ويبدي له غير ما يكتم.
قال عياض: وفي الحديث أنه الذي ذكر ذلك لم يفقد التميز والنظر لنفسه بالكلية، فعل ذلك كان يعتريه أحيانًا ويتبين ذلك إذا انتبه انتهى. وعند الشافعي وأحمد وابن ماجه والدارقطني أن حبان بن منقذ كان ضريرًا، وكان قد شج في رأسه مأمومة وقد ثقل لسانه عند الدارقطني وابن عبد البر من طريق محمد بن إسحاق قال: حدثني محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه واسع بن حبان أن جده منقذ بن عمر وكان قد أتى عليه سبعون ومائة سنة، فكان إذا بايع غبن فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال الحديث، وأخرج ابن عبد البر من طريق ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر أن منقذًا شبح في رأسه مأمومة في الجاهلية فخبلت لسانه، فكان يخدع في البيع فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ بايَعتَهُ أي: من الناس فقل: لا خِلَابَة"، بكسر الخاء المعجمة وتخفيف اللام وفتح الموحدة أي: لا خيانة في الدين؛ لأن الدين النصيحة، فلا لنفي الجنس وخبر: لا خلابة محذوف.
وقال (التوربشتي): لقنه - صلى الله عليه وسلم - هذا القول ليلفظ به عند البيع ليطاع به صاحبه على أنه ليس من ذوي البصائر في معرفة البيع ومقادير القيمة فيها، ليرى له كما يرى لنفسه، وكان الناس في ذلك الزمان إخوانًا لا يغبنون أخاهم السلم، وينظرون له أكثر ما ينظرون لأنفسهم انتهى. فكان الرجل إذا باع قال: لا خِلابَة ففي مسلم من طريق إسماعيل بن جعفر عن ابن دينار يقول: لا خيانة.
قال عياض: بالتحتية؛ لأنه كان ألثغ يخرج اللام من غير مخرجها، ولبعضهم لا خنابة بالنون، وهو تصحيف، وفي بعض روايات مسلم: "لا خذابة" بالذال المعجمة انتهى. وفي رواية أبي عمر من طريق نافع، قال ابن عمر: فسمعته يقول: إذا باع لا خذابة، وعند الدارقطني والبيهقي بإسناد حسن: ثم أنت بالخيار في كل سلعة ابتعتها ثلاث ليال

الصفحة 57