كتاب المهيأ في كشف أسرار الموطأ (اسم الجزء: 4)

• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا مالك أخبرنا نافع، أي: ابن عبد الله المدني مولى ابن عمر ثقة فقيه ثبت مشهور، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة سبع وعشرين ومائة عن عبد الله بن عمر: أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - الزوج والزوجة بمعنى امرأة الرجل لكن الزوج أفصح، قال تعالى لآدم: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35] أرادت أن تشتري وليدة أي: جارية يقال لها: بريرة فتعتقها، أي: بعد شرائها والفاء عاطفة على تشتري، وفي رواية: لتعتقها باللام فقال أهلها: أي: ملاك الوليدة نبيعك بكسر الكاف خطاب لعائشة أي: الوليدة على أن ولاءها لنا، أي: لا لك فذكرت أي: عائشة ذلك أي: شرطهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لا يمنعك نهي غائب أي: يا عائشة ذلك أي: الشرط عن شرائه؛ لأنه مخالف للشرع فإنما الولاءُ لمن أعتق" بلام الاختصاص أي: لأن الولاء مختص بمن أعتق، كذا قاله الكرماني وجوزه غيره أن يكون للاستحقاق كما في قوله تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1] أو للصيرورة، وكل منها نفي أن يكون الولاء لغير من أعتق.
قال المازري: فيه حجة لمالك والشافعي وأحمد أنه لا ولاء لملتقط اللقيط خلافًا لاستحقاق، ولا لمن أسلم على يديه خلافًا للحنفية، والولاء في جميعهم للمسلمين إلا أن يكون لأحدهم وارث.
وقال أبو حنيفة رحمه الله: لكل أحد أن يوالي من شاء فيرثه والحديث على الجميع؛ لأن إنما للحصر تثبت الحكم للمذكور وتنفيه على من سواه، وعبر عنها بعضهم بتحقيق المتصل والمنفصل.
قال الأبي: كلمة "إنما" مركبة من "أن" التي حرف توكيد و"من ما" التي هي حرف نفي والأصل بقاء الحروف على معانيها اعتد الضم لما استحال رد النفي إلى نفس المثبت، لما فيه من التناقض وجب حمله على إثباته للمذكور ونفيه عمن سواه، وبه عرف معنى لتحقيق المتصل وتمحيق المنفصل النهي فالقصر قصر القلب، والحديث رواه البخاري في العتق والبيع عن عبد الله بن يوسف، وفي الفرائض عن قتيبة بن سعيد، ومسلم عن يحيى: الثلاثة (ق 831) عن مالك، به كذا قاله الزرقاني.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه ابن عمر عن عائشة رضي الله عنها الولاءُ لمن أعتق، أي: مطلقًا لا يُتحوّل عنه، أي: لا ينقل الولاء عن المعتق وعصبته

الصفحة 72