كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 4)

هجرتكم سبخَة ذَات نخيل) يَعْنِي الْمَدِينَة، قَالَ: وَقد سمى النَّبِي الْمَدِينَة طيبَة فَدلَّ على أَن السبخة دَاخِلَة فِي الطّيب، وَلم يُخَالف فِي ذَلِك إلاَّ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، وَلم يجوز التَّيَمُّم بهَا، والسبخة بِفَتْح حروفها كلهَا، وَاحِدَة السباخ. فَإِذا قلت: أَرض سبخَة، كسرت الْبَاء. وَقَالَ ابْن سَيّده: هِيَ أَرض ذَات ملح ونزو، وَجَمعهَا: سباخ، وَقد سبخت سبخاً فَهِيَ سبخَة، وأسبخت. وَقَالَ غَيره: هِيَ أَرض تعلوها ملوحة لَا تكَاد تنْبت إِلَّا بعض الشّجر. وَفِي (الباهر) لِابْنِ عديس: سبخت، بِكَسْر الْبَاء وَفتحهَا. وَفِي (شرح الْمُوَطَّأ) لعبد الْملك بن حبيب: السبخة: الأَرْض المالحة الَّتِي لَا تنْبت شَيْئا، وَلَيْسَت الردغة وَلَا الرداغ كَمَا يَقُول من لَا يعرف.
10 - (حَدثنَا مُسَدّد قَالَ حَدثنِي يحيى بن سعيد قَالَ حَدثنَا عَوْف قَالَ حَدثنَا أَبُو رَجَاء عَن عمرَان قَالَ كُنَّا فِي سفر مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَإِنَّا أسرينا حَتَّى كُنَّا فِي آخر اللَّيْل وقعنا وقْعَة وَلَا وقْعَة أحلى عِنْد الْمُسَافِر مِنْهَا فَمَا أيقظنا إِلَّا حر الشَّمْس وَكَانَ أول من اسْتَيْقَظَ فلَان ثمَّ فلَان ثمَّ فلَان يسميهم أَبُو رَجَاء فنسي عَوْف ثمَّ عمر بن الْخطاب الرَّابِع وَكَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا نَام لم نوقظه حَتَّى يكون هُوَ يَسْتَيْقِظ لأَنا لَا نَدْرِي مَا يحدث لَهُ فِي نَومه فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ عمر وَرَأى مَا أصَاب النَّاس وَكَانَ رجلا جليدا فَكبر وَرفع صَوته بِالتَّكْبِيرِ فَمَا زَالَ يكبر وَيرْفَع صَوته بِالتَّكْبِيرِ حَتَّى اسْتَيْقَظَ لصوته النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ شكوا إِلَيْهِ الَّذِي أَصَابَهُم قَالَ لَا ضير أَو لَا يضير ارتحلوا فارتحلوا فَسَار غير بعيد ثمَّ نزل فَدَعَا بِالْوضُوءِ فَتَوَضَّأ وَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فصلى بِالنَّاسِ فَلَمَّا انْفَتَلَ من صلَاته إِذا هُوَ بِرَجُل معتزل لم يصل مَعَ الْقَوْم قَالَ مَا مَنعك يَا فلَان أَن تصلي مَعَ الْقَوْم قَالَ أصابتني جَنَابَة وَلَا مَاء قَالَ عَلَيْك بالصعيد فَإِنَّهُ يَكْفِيك ثمَّ سَار النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فاشتكى إِلَيْهِ النَّاس من الْعَطش فَنزل فَدَعَا فلَانا كَانَ يُسَمِّيه أَبُو رَجَاء نَسيَه عَوْف ودعا عليا فَقَالَ اذْهَبَا فابتغيا المَاء فَانْطَلقَا فتلقيا امْرَأَة بَين مزادتين أَو سطيحتين من مَاء على بعير لَهَا فَقَالَا لَهَا أَيْن المَاء قَالَت عهدي بِالْمَاءِ أمس هَذِه السَّاعَة ونفرنا خلوفا قَالَا لَهَا انطلقي إِذا قَالَت إِلَى أَيْن قَالَا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت الَّذِي يُقَال لَهُ الصابىء قَالَا هُوَ الَّذِي تعنين فانطلقي فجاآ بهَا إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وحدثاه الحَدِيث قَالَ فاستنزلوها عَن بَعِيرهَا ودعا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِإِنَاء ففرغ فِيهِ من أَفْوَاه المزادتين أَو السطيحتين وأوكأ أفواههما وَأطلق العزالي وَنُودِيَ فِي النَّاس اسقوا واستقوا فسقى من شَاءَ واستقى من شَاءَ وَكَانَ آخر ذَاك أَن أعْطى الَّذِي أَصَابَته الْجَنَابَة إِنَاء من مَاء قَالَ اذْهَبْ فأفرغه عَلَيْك وَهِي قَائِمَة تنظر إِلَى مَا يفعل بِمَائِهَا وَايْم الله لقد أقلع عَنْهَا وَإنَّهُ ليُخَيل إِلَيْنَا أَنَّهَا أَشد ملأة مِنْهَا حِين ابْتَدَأَ فِيهَا فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اجْمَعُوا لَهَا فَجمعُوا لَهَا من بَين عَجْوَة ودقيقة وسويقة حَتَّى جمعُوا لَهَا طَعَاما فجعلوها فِي ثوب وَحملُوهَا على بَعِيرهَا وَوَضَعُوا الثَّوْب بَين يَديهَا قَالَ لَهَا تعلمين مَا رزئنا من مائك شَيْئا وَلَكِن الله هُوَ الَّذِي أسقانا فَأَتَت أَهلهَا وَقد احْتبست عَنْهُم قَالُوا مَا حَبسك يَا فُلَانَة قَالَت الْعجب لَقِيَنِي رجلَانِ فذهبا بِي إِلَى هَذَا الَّذِي يُقَال لَهُ الصابىء فَفعل كَذَا وَكَذَا فوَاللَّه إِنَّه لأسحر النَّاس من بَين هَذِه وَهَذِه

الصفحة 25