كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 4)

وَهَلْ لَا سُكْنَى لِمَنْ سَكَّنَتْ زَوْجَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا؟ قَوْلَانِ

وَسَقَطَتْ، إنْ أَقَامَتْ بِغَيْرِهِ: كَنَفَقَةِ وَلَدٍ هَرَبَتْ بِهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQبَيِّنَتَيْنِ مُتَعَارِضَتَيْنِ مُتَعَادِلَتَيْنِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ ابْنُ عَرَفَةَ الصَّوَابُ إخْرَاجُ غَيْرِ الْمُعْتَدَّةِ لِأَنَّ إقَامَتَهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى. وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ ثَبَتَ جَوَازُ إخْرَاجِهَا لِشَرِّهَا فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَهُ ح الْبُنَانِيُّ هَذَا النَّظَرُ إنَّمَا هُوَ فِي الْعِلَّةِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ إنَّمَا هُوَ إخْرَاجُ مَنْ تَبَيَّنَ شَرُّهَا وَبَحَثَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيمَنْ أَشْكَلَ أَمْرُهَا وَفِي ح وَتَبْصِرَةِ اللَّخْمِيِّ كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ لَسِنَةً عَلَى الْجِيرَانِ وَمَفْهُومُ لِحَاضِرَةٍ أَنَّ الْبَدَوِيَّةَ تَنْتَقِلُ لِضَرَرِ الْجَارِ وَالْفَرْقُ أَنَّ شَأْنَ الْحَضَرِ وُجُودُ الْحَاكِمِ الْمُنْصِفِ وَالْبَدْوُ عَدَمُهُ فَإِنْ وُجِدَ فِي الْبَادِيَةِ فَلَا تَنْتَقِلُ وَإِنْ عُدِمَ فِي الْحَضَرِ فَلَهَا الِانْتِقَالُ فَالْمَدَارُ عَلَى وُجُودِ الْحَاكِمِ وَعَدَمِهِ فِي الْحَضَرِ وَالْبَدْوِ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْتُ ضَابِطُهُ إنْ قَدَرَتْ عَلَى دَفْعِ ضَرَرِهِمَا بِوَجْهٍ مَا فَلَا تَنْتَقِلُ وَحَمَلَهَا ابْنُ عَاتٍ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْقَرْيَةِ وَالْمَدِينَةِ لِأَنَّ بِهَا مَنْ تَرْفَعُ إلَيْهِ أَمْرَهَا بِخِلَافِ الْقَرْيَةِ غَالِبًا.

(وَهَلْ لَا سُكْنَى) فِي زَمَنِ الْعِدَّةِ (لِمَنْ) أَيْ زَوْجَةٍ (سَكَّنَتْ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (زَوْجَهَا) مَعَهَا بِبَيْتِهَا دُونَ كِرَاءٍ (ثُمَّ طَلَّقَهَا) لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلنِّكَاحِ أَوْ لَهَا السُّكْنَى فِيهِ لِانْقِطَاعِ الْمُكَارَمَةِ بِالطَّلَاقِ فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) لِابْنِ الْعَطَّارِ وَابْنِ الْمَكْوِيِّ.
ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ الْمَكْوِيِّ وَهُمْ مَحِلُّهُمَا إذَا أَطْلَقَتْ فَإِنْ تَبَرَّعَتْ لَهُ بِالسُّكْنَى زَمَنَ النِّكَاحِ وَتَوَابِعِهِ فَلَا سُكْنَى لَهَا فِيهِ اتِّفَاقًا وَإِنْ قَيَّدَتْ بِمُدَّةِ النِّكَاحِ فَقَطْ فَلَهَا السُّكْنَى فِيهِ اتِّفَاقًا وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهَا السُّكْنَى فِي الْعَقْدِ فَسَدَ فَيُفْسَخُ قَبْلُ وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَيُلْغَى الشَّرْطُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَهَا السُّكْنَى وَمَحِلُّهُمَا أَيْضًا إذَا اكْتَرَتْ الْمَسْكَنَ أَوْ مَلَكَتْهُ قَبْلَ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَلَهَا السُّكْنَى قَوْلًا وَاحِدًا وَمَفْهُومُ طَلَّقَهَا أَنَّهُ إنْ مَاتَ فَلَا سُكْنَى لَهَا زَمَنَ عِدَّتِهَا.

(وَسَقَطَتْ) سُكْنَاهَا فِيهِ عَنْ الزَّوْجِ (إنْ أَقَامَتْ) الْمُعْتَدَّةُ فِي زَمَنِ عِدَّتِهَا (بِغَيْرِهِ) أَيْ مَسْكَنِهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَشَبَّهَ فِي السُّقُوطِ، فَقَالَ (كَنَفَقَةِ وَلَدٍ) لِلزَّوْجِ (هَرَبَتْ) الْمُطَلَّقَةُ (بِهِ) مُدَّةً بِمَوْضِعٍ لَا يَعْلَمُهُ أَوْ عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا مِنْهُ لِمَسْكَنِهَا ثُمَّ طَلَبَتْهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا فَإِنْ عَلِمَ مَوْضِعَهَا وَقَدَرَ عَلَى رَدِّهَا وَتَرَكَهَا مُدَّةً فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهُ عَنْهُ.

الصفحة 336