كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 4)

وَجَازَ بَيْعُ عَمُودٍ عَلَيْهِ بِنَاءٌ لِلْبَائِعِ، إنْ انْتَفَتْ الْإِضَاعَةُ وَأُمِنَ كَسْرُهُ وَنَقَضَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَرَدَّ بِهِ عَلَى ابْنِ دِينَارٍ الْقَائِلِ بِهَذَا، فَإِنْ كَانَ حَلَفَ بِحُرِّيَّتِهِ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ كَضَرْبِهِ أَلْفَ سَوْطٍ وَبَاعَهُ رُدَّ بَيْعُهُ وَنُجِزَ عِتْقُهُ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ فِعْلِهِ مَا لَا يَجُوزُ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَجَّلْت عِتْقَهُ أَيْ بَعْدَ رَدِّ بَيْعِهِ إذْ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مِلْكِ مُشْتَرِيهِ، فَإِنْ تَجَرَّأَ وَفَعَلَ بِهِ مَا لَا يَجُوزُ قَبْلَ تَنْجِيزِ عِتْقِهِ، فَإِنَّ شَأْنَهُ نَجْزُ عِتْقِهِ وَإِلَّا بِيعَ عَلَيْهِ.

(وَجَازَ بَيْعُ عَمُودٍ) مَثَلًا أَوْ الْمُرَادُ بِهِ مَا يُعْتَمَدُ فَيَعُمُّ الْخَشَبَةَ وَالْحَجَرَ (عَلَيْهِ) أَيْ الْعَمُودِ (بِنَاءٌ لِلْبَائِعِ) أَوْ غَيْرِهِ كَمُسْتَأْجِرٍ أَوْ مُسْتَعِيرٍ (إنْ انْتَفَتْ الْإِضَاعَةُ) لِمَالِ مَنْ لَهُ الْبِنَاءُ الَّذِي عَلَى الْعَمُودِ. اللَّخْمِيُّ بِأَنْ أَضْعَفَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ. الْحَطّ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ الْإِضَاعَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي ذَلِكَ عَرْضٌ صَحِيحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَفِي الْجَوَاهِرِ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ مَا نَصُّهُ وَإِضَاعَةُ الْمَالِ إتْلَافُهُ لِغَيْرِ غَرَضٍ صَحِيحٍ يَقْتَضِيهِ الْعَقْلُ، وَأَمَّا مَا اقْتَضَاهُ رَأْيٌ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ أَخْطَأَ فِيهِ أَوْ أَصَابَ فَغَيْرُ مُرَادٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَمِمَّا تَنْتَفِي بِهِ الْإِضَاعَةُ إمْكَانُ تَعْلِيقِ الْبِنَاءِ وَتَدْعِيمِهِ وَكَوْنِ الْبِنَاءِ الَّذِي عَلَيْهِ مُشْرِفًا عَلَى السُّقُوطِ أَوْ يَسِيرًا، فَإِنْ لَمْ تَنْتَفِ الْإِضَاعَةُ فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ وَقَعَ صَحَّ.
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا حَاجَةَ لِهَذَا الْقَيْدِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ النَّفِيسِ بِالثَّمَنِ الْيَسِيرِ رَاجِعٌ إلَى بَابِ الْغَبْنِ أَوْ السَّفَهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ حَقِّ الْآدَمِيِّ وَالْكَلَامُ هُنَا إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي لَا يَصِحُّ تَرْكُهُ. وَلَوْ تَوَاطَأَ الْمُتَبَايِعَانِ عَلَيْهِ فَهَذَا الَّذِي يُذْكَرُ فِي الشُّرُوطِ وَالْأَرْكَانِ وَالْمَوَانِعِ. اهـ. وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّ مَا ضَاعَ عَلَى أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْغَبْنِ يَنْتَفِعُ بِهِ الْآخَرُ، وَنَقْضَ الْبِنَاءِ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ أَحَدٌ فَهِيَ إضَاعَةٌ مَحْضَةٌ فَهِيَ مِنْ الْفَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، قَالَ عِيَاضٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَالُوا إنَّمَا هَذَا إذَا كَانَ يُمْكِنُ تَدْعِيمُهُ وَتَعْلِيقُهُ، وَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ الَّذِي عَلَيْهِ لَا يُمْكِنُ نَزْعُ الْعَمُودِ إلَّا بِهَدْمِهِ لَكَانَ مِنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ الَّذِي لَا يَجُوزُ.
(وَ) إنْ (أُمِنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (كَسْرُهُ) أَيْ الْعَمُودِ حِينَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْبِنَاءِ بِشَهَادَةِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، فَإِنْ خِيفَ كَسْرُهُ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ (وَنَقَضَهُ) أَيْ الْبِنَاءَ الَّذِي عَلَى

الصفحة 462