كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 4)

وَزَيْتِ زَيْتُونٍ بِوَزْنٍ؛ إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ إلَّا أَنْ يُخَيَّرَ

وَدَقِيقِ حِنْطَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَيَخْتَلِطُ فَلَا يُمْكِنُ حَزْرُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. وَقَلَّ نَقْلُ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الصَّوَابَ جَوَازُ بَيْعِ الْقَمْحِ فِي أَنْدَرِهِ قَبْلَ دَرْسِهِ؛ لِأَنَّهُ يُرَى سُنْبُلُهُ فَيُحْزَرُ وَيُعْرَفُ قَدْرُهُ وَهُوَ نَقْلُ الْجَلَّابِ عَنْ الْمَذْهَبِ.

(وَ) جَازَ بَيْعُ (زَيْتِ زَيْتُونٍ) أَيْ قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ قَبْلَ عَصْرِهِ (بِوَزْنٍ) كَرِطْلٍ أَوْ قِنْطَارٍ (إنْ) لَمْ (يَخْتَلِفْ) وَصْفُهُ بِأَنْ عُرِفَ بِحَسَبِ الْعَادَةِ وَلَمْ يَتَأَخَّرْ تَمَامُ عَصْرِهِ عَنْ نِصْفِ شَهْرٍ، وَيَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ بِشَرْطٍ كَمَا تُقَيِّدُهُ الْمُدَوَّنَةُ، فَإِنْ اخْتَلَفَ وَصْفُهُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا بَعْدَ عَصْرِهِ وَعِلْمِ صِفَتِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يُخَيَّرَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ أَيْ يُشْتَرَطُ عِنْدَ الْبَيْعِ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي إذَا عَلِمَ صِفَتَهُ بَعْدَ عَصْرِهِ فَيَجُوزُ الْبَيْعُ وَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ حِينَئِذٍ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ. تت وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ زَيْتِ بِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى زَيْتُونًا عَلَى أَنَّ عَلَى رَبِّهِ عَصْرَهُ لَمْ يَجُزْ وَهُوَ كَذَلِكَ فَفِيهَا لَا يَجُوزُ شِرَاءُ سِمْسِمٍ وَزَيْتُونٍ وَحَبِّ فُجْلٍ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ عَصْرَهُ أَوْ زَرْعٍ قَائِمٍ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ حَصْدَهُ وَدَرْسَهُ، وَكَأَنَّهُ ابْتَاعَ مَا يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَذَلِكَ مَجْهُولٌ. أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ النَّصِّ الْمَذْكُورِ مَا نَصُّهُ الشَّيْخُ إنْ قَالَ أَشْتَرِي مِنْك مَا يَخْرُجُ مِنْ هَذَا فَهُوَ فَاسِدٌ، وَإِنْ قَالَ أَشْتَرِي مِنْك هَذَا وَأُؤَاجِرُك بِكَذَا عَلَى عَصْرِهِ فَهَذَا جَائِزٌ وَهُوَ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ، وَإِنْ قَالَ أَشْتَرِيهِ مِنْك عَلَى أَنَّ عَلَيْك عَصْرَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِحَمْلِهِ عَلَى الْفَسَادِ. اهـ. وَبِهَذَا يُرَدُّ قَوْلُ ابْنِ عَاشِرٍ لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ مَنْعِهِ إذْ غَايَةُ مَا فِيهِ اجْتِمَاعُ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَهُوَ جَائِزٌ.

(وَ) جَازَ بَيْعُ قَدْرٍ مَعْلُومٍ كَصَاعٍ أَوْ إرْدَبٍّ مِنْ (دَقِيقِ حِنْطَةٍ) قَبْلَ طَحْنِهَا إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ وَصْفُهُ، فَإِنْ اخْتَلَفَ وَصْفُهُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِشَرْطِ خِيَارِ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي جُعْلِ الْمُدَوَّنَةِ، فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى الشَّرْطِ وَالِاسْتِثْنَاءِ لِيَعْلَمَ رُجُوعَهُمَا إلَيْهِ أَيْضًا، وَفِيهَا وَإِنْ ابْتَعْت قَمْحًا عَلَى أَنْ يَطْحَنَهُ لَك فَاسْتَخَفَّهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بَعْدَ أَنْ كَرِهَهُ وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الْقَمْحَ يُعْرَفُ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ، وَجُلُّ قَوْلِهِ ذَلِكَ التَّخْفِيفُ وَالِاسْتِحْسَانُ لَا الْقِيَاسُ.

الصفحة 470