كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 4)

وَلَا يَأْخُذُ لَحْمَ غَيْرِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَرْبَعَةٍ هُوَ الَّذِي فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ لِلْمُدَوَّنَةِ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ وَضَّاحٍ ثَلَاثَةُ أَرْطَالٍ. أَبُو الْحَسَنِ أَوْ خَمْسَةٌ أَوْ سِتَّةٌ أَوْ أَكْثَرُ مِمَّا دُونَ الثُّلُثِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهَا وَلَمْ يَبْلُغْ فِي ذَلِكَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الثُّلُثَ. الْحَطّ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ قَدْرَ مَا يُسْتَثْنَى مِنْ الْبَقَرَةِ وَالنَّاقَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اسْتَحْسَنَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ اعْتِبَارَ قَدْرِ صِغَرِ الْمَبِيعِ أَوْ كِبَرِهِ كَالشَّاةِ وَالْبَقَرَةِ وَالْبَعِيرِ، وَفِيهَا لَا بَأْسَ بِاسْتِثْنَاءِ الصُّوفِ وَالشَّعْرِ.
اللَّخْمِيُّ إذَا كَانَ يَجُزْ إلَى يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، بِخِلَافِ كَوْنِ الصُّوفِ هُوَ الْمَبِيعُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَقَاؤُهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. أَبُو الْحَسَنِ هَذَا التَّقْيِيدُ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى وَمَسْأَلَةُ الِاسْتِثْنَاءِ لَا تَخْلُو مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ اسْتِثْنَاءُ الصُّوفِ وَالشَّعْرِ فَهَذَا جَائِزٌ بِشَرْطِ أَنْ يَشْرَعَ فِي الْجَزِّ أَوْ يَتَأَخَّرَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ كَاسْتِثْنَاءِ رُكُوبِ الدَّابَّةِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فِي الْبَيْعِ الثَّانِي اسْتِثْنَاءُ جُزْءٍ شَائِعٍ، فَهَذَا جَائِزٌ بِاتِّفَاقٍ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الذَّبْحِ، الثَّالِثُ: اسْتِثْنَاءُ الْجِلْدِ وَالرَّأْسِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ، وَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ فِي السَّفَرِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْحَضَرِ.
الرَّابِعُ: اسْتِثْنَاءُ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ كَفَخِذٍ وَكَبِدٍ مَنَعَهُ نَصًّا فِي الْكِتَابِ. الْخَامِسُ: اسْتِثْنَاءُ الْأَرْطَالِ الْيَسِيرَةِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ جَوَازُ أَرْبَعَةِ أَرْطَالٍ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ ثَلَاثَةٌ، وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ خَمْسَةٌ وَسِتَّةٌ مِمَّا دُونَ الثُّلُثِ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ وَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ الثُّلُثَ، وَقِيلَ الثُّلُثُ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ رَأْسًا؛ لِأَنَّ فِيهِ بَيْعَ لَحْمٍ مَغِيبٍ سَوَاءٌ قِيلَ إنَّ الْمُسْتَثْنَى مُشْتَرًى وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ مُبْقًى؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُجْبَرُ عَلَى الذَّبْحِ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى مَا زَادَ عَلَى الْمُسْتَثْنَى وَهُوَ مَغِيبٌ. وَيُجَابُ عَلَى أَنَّهُ مُشْتَرِي بِأَنَّ اشْتِرَاءَ اللَّحْمِ الْمَغِيبِ مُغْتَفَرٌ لِبَائِعِ الشَّاةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَعَلَى أَنَّهُ مُبْقًى بِأَنَّ اشْتِرَاءَ مَا زَادَ عَلَى الْمُسْتَثْنَى بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاءِ جُمْلَةِ الشَّاةِ بَعْدَ ذَبْحِهَا وَقَبْلَ سَلْخِهَا وَهُوَ جَائِزٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَلَا يَأْخُذُ) بَائِعُ الشَّاةِ الْمُسْتَثْنِي أَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ مِنْهَا (لَحْمَ غَيْرِهَا) أَيْ الشَّاةِ الْمَبِيعَةِ عِوَضًا عَنْهَا. وَلَوْ قَالَ بَدَلَهَا أَيْ الْأَرْطَالِ لَشَمِلَ أَخْذَ بَدَلِهَا لَحْمًا وَغَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ بِيعَ طَعَامُ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُشْتَرًى وَبِيعَ لَحْمٌ مَغِيبٌ عَلَى أَنَّهُ مُبْقًى، وَإِنْ مَاتَتْ الشَّاةُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ ذَبَحَهَا وَأَكَلَهَا كُلَّهَا فَعَلَيْهِ مِثْلُ الْأَرْطَالِ.

الصفحة 472