كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 4)

لَا لَحْمًا

وَجِزَافٍ إنْ رُئِيَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِمَا. طفي أَطْلَقَ فِي الضَّمَانِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي تَفْرِيطٌ أَمْ لَا وَهُوَ مُرْتَضًى. ابْنُ رُشْدٍ قَالَ: وَلَيْسَ مَعْنَى الضَّمَانِ أَنَّهُ يَغْرَمُ لِلْبَائِعِ قِيمَةَ الْجِلْدِ أَوْ مِثْلِهِ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى قِيمَتِهِ، فَإِنْ كَانَتْ دِرْهَمَيْنِ وَكَانَ بَاعَ الشَّاةَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُبْتَاعِ بِسُدُسِ قِيمَةِ الشَّاةِ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ بَاعَهَا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَعَرْضُ قِيمَتِهِ دِرْهَمَانِ فَاسْتُحِقَّ الْعَرْضُ مِنْ الْبَائِعِ، وَقَدْ فَاتَتْ الشَّاةُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ. اهـ. وَقَدْ نَقَلَ كَلَامَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ وَقَبِلُوهُ فَهُوَ مُرَادُهُ بِالضَّمَانِ، فَقَوْلُ " س " لَهُ دَفْعُ مِثْلِهَا خِلَافُهُ (لَا) يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ (لَحْمًا) وَهُوَ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ قَبْلُ بِالْأَرْطَالِ لِجَبْرِهِ عَلَى الذَّبْحِ، وَلَمَّا سَكَتَ عَنْهُ الْبَائِعُ كَانَ مُفَرِّطًا، وَاحْتَرَزَ بِالْمُعَيَّنِ مِنْ الْجُزْءِ الشَّائِعِ فَلَا يَضْمَنُهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ وَهُوَ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ كَالْمُودِعِ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ.

(وَ) جَازَ بَيْعُ (جِزَافٍ) فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ الْجِزَافُ مُثَلَّثُ الْجِيمِ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ بَيْعُ الشَّيْءِ بِلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَلَا عَدَدٍ. وَحَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ بَيْعُ مَا يُمْكِنُ عِلْمُ قَدْرِهِ دُونَ أَنْ يُعْلَمَ، وَالْأَصْلُ مَنْعُهُ وَخَفَّفَ فِيمَا شَقَّ عِلْمُهُ يُرِيدُ مِنْ الْمَعْدُودِ وَقَلَّ جَهْلُهُ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إذْ لَا تُشْتَرَطُ الْمَشَقَّةُ فِيهِمَا (إنْ رُئِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَوْ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ يَلِيهَا هَمْزٌ، أَيْ أَبْصَرَ حَالَ الْبَيْعِ أَوْ قَبْلَهُ، وَاسْتَمَرَّا عَلَى مَعْرِفَتِهِ إلَى حِينِ بَيْعِهِ عَلَى مُخْتَارِ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ الصُّبْرَةِ الْغَائِبَةِ بِرُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ. ابْنُ رُشْدٍ لَوْ كَانَ الْمُبْتَاعُ رَأَى الصُّبْرَةَ أَوْ الزَّرْعَ ثُمَّ اشْتَرَى ذَلِكَ صَاحِبُهُ عَلَى رُؤْيَتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهُوَ غَائِبٌ لَجَازَ ذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ، وَفَرَّقَ فِي الْمَدَنِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بَيْنَ الصُّبْرَةِ وَالزَّرْعِ الْقَائِمِ فَمَنَعَ شِرَاءَ الصُّبْرَةِ غَائِبَةً بِرُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ، وَأَجَازَهُ فِي الزَّرْعِ الْقَائِمِ وَهِيَ تَفْرِقَةٌ لَا حَظَّ لَهَا فِي النَّظَرِ فَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهَا.
ابْنُ عَرَفَةَ وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّهُ يَطْلُبُ فِي الصُّبْرَةِ مَعْرِفَةَ قَدْرِهَا زِيَادَةً عَلَى مَعْرِفَةِ صِفَتِهَا فِي الْحِرْزِ حِينَ الْعَقْدِ وَلِلرُّؤْيَةِ الْمُقَارِنَةِ لَهُ أَثَرٌ فِي ذَلِكَ، وَيَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي الزَّرْعِ الْغَائِبِ. الْحَطَّابُ

الصفحة 476