كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 4)

إلَّا فِي كَسَلَّةِ تِينٍ، وَعَصَافِيرَ حَيَّةٌ بِقَفَصٍ، وَحَمَامِ بُرْجٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَازِرِيُّ هَجَسَ فِي نَفْسِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا أَجَازُوهُ وَمَا مَنَعُوهُ إذْ لَا يَخْتَلِفُ حَزْرُ الْحَازِرِ لِزَيْتٍ فِي قَارُورَةٍ وَلِمِقْدَارِ مِلْئِهَا مِنْهُ، وَأَشَارَ ابْنُ رُشْدٍ لِمَا يُفِيدُ جَوَابَهُ بِأَنَّ مَا أَجَازُوهُ لَمْ يُقْصَدْ فِيهِ إلَى الْغَرَرِ لِحُضُورِهِ فَخَفَّ أَمْرُهُ بِخِلَافِ مِلْئِهِ ثَانِيًا، فَإِنَّهُ غَرَرٌ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الرُّخْصَةَ إنَّمَا وَرَدَتْ فِي الْحَاضِرِ وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا. وَذَكَرَ " غ " عَنْ الْقَبَّابِ أَنَّ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ إعْطَاءِ الْبَزَّارِ دِرْهَمًا لِيُعْطِيَهُ بِهِ أَبْزَارًا نَحْوَ فُلْفُلٍ فَيَجْعَلُ شَيْئًا فِي وَرَقَةٍ وَيَطْوِيهَا عَلَيْهِ وَيَأْخُذُهُ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ حَزْرِهِ وَلَا رُؤْيَتِهِ لَا يَجُوزُ فَإِنْ فَتَحَهُ وَرَآهُ جَازَ.
وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ جَوَابِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ شَرْطَ الْجِزَافِ مُصَادَفَتُهُ فَلَا يَجُوزُ الدُّخُولُ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُعْطِيَ الْفَوَّالَ أَوْ الْعَطَّارَ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يُعْطِيَك شَيْئًا جِزَافًا وَخُصُوصًا مَعَ عَدَمِ رُؤْيَتِهِ وَعَدَمِ حَزْرِهِ، وَقَدْ اعْتَرَضَ ابْنُ عَلَّالٍ وَمُعَاصِرُوهُ قَوْلَ الْقَبَّابِ، فَإِنْ فَتَحَهُ وَرَآهُ جَازَ بِأَنَّ فِيهِ جَزَفَ لِي وَاشْتَرَى مِنْك، وَقَدْ نَصَّ فِي الْبَيَانِ عَلَى مَنْعِهِ، قَالَ وَعِنْدِي أَنَّ مَعْنَى مَا فِي الْبَيَانِ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ جَازَ.
وَاسْتَثْنَى مِنْ وَإِنْ مِلْءَ ظَرْفٍ إلَخْ فَقَالَ (إلَّا) أَنْ يَقَعَ بَيْعُ مِلْءِ ظَرْفٍ ثَانِيًا بَعْدَ تَفْرِيغِهِ (فِي كَسَلَّةِ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ اللَّامِ، أَيْ إنَاءٍ مَضْفُورٍ مِنْ خَشَبٍ رَقِيقٍ أَوْ قَصَبٍ فَارِسِيٍّ لِ (تِينٍ) وَزَبِيبٍ وَقِرْبَةِ مَاءٍ وَجَرَّتِهِ وَرَاوِيَتِهِ وَنَحْوِهَا مِمَّا جَرَى الْعُرْفُ بِجَعْلِهِ كَالْمِكْيَالِ الْمَعْلُومِ، فَيَجُوزُ بَيْعُ مِلْئِهِ فَارِغًا وَبَيْعُ مِلْئِهِ الْحَاضِرِ مَعَ مِلْئِهِ ثَانِيًا بَعْدَ تَفْرِيغِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمِكْيَالِ الْمَعْلُومِ.
(وَ) لَا يَجُوزُ بَيْعُ (عَصَافِيرَ) وَنَحْوِهَا مِمَّا يَتَدَاخَلُ مِنْ الطَّيْرِ (حَيَّةٍ بِقَفَصٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ بَعْضُهُ تَحْتَ بَعْضٍ فَلَا يُمْكِنُ حَزْرُهُ، وَمَفْهُومُ حَيَّةٍ جَوَازُ بَيْعِ الْمَذْبُوحَةِ جِزَافًا (وَهُوَ كَذَلِكَ) وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ (حَمَامِ) بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ (بُرْجٍ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ آخِرُهُ جِيمٌ بِنَاءً مِنْ قَوَادِيسَ لِسُكْنَى الْحَمَامِ لِعَدَمِ إمْكَانِ حَزْرِهِ، فَإِنْ حَزَرَهُ جَازَ

الصفحة 480