كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 4)

وَجَازَ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ وَالصِّوَانِ

؛ وَعَلَى الْبَرْنَامَجِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَالَ الْقَبَّابُ أَصْلُ اللَّبَنِ الْكَيْلُ وَأَصْلُ الزُّبْدِ الْوَزْنُ فَلَا تُبَاعُ قِرْبَةُ لَبَنٍ جِزَافًا مَعَ رِطْلِ زُبْدٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جَمْعِ الْجِزَافِ، وَمَا فِي حُكْمِ الْمَكِيلِ إذْ الْمَوْزُونُ كَالْمَكِيلِ، وَلَا أَنْ تُبَاعَ الْقِرْبَةُ بِزُبْدِهَا عَلَى أَنَّ كُلَّ رِطْلٍ مِنْ زُبْدِهَا بِكَذَا؛ لِأَنَّهُ جِزَافٌ عَلَى وَزْنٍ مَعَ غَيْرِهِ، وَأَمَّا شِرَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا جِزَافًا فَجَائِزٌ؛ لِأَنَّهُمَا جِزَافَانِ.

(وَجَازَ) الْبَيْعُ الَّذِي عُلِمَ وَصْفُ مَبِيعِهِ (بِرُؤْيَةِ بَعْضِ) الْمَبِيعِ (الْمِثْلِيِّ) أَيْ الَّذِي يُكَالُ كَقَمْحٍ أَوْ يُوزَنُ كَقُطْنٍ أَوْ يُعَدُّ كَبَيْضٍ، وَاحْتُرِزَ بِالْمِثْلِيِّ عَنْ الْمُقَوَّمِ فَلَا تَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ مُشَارَكَةُ الْمُقَوَّمِ الْمِثْلِيَّ. (وَ) جَازَ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ (الصِّوَانِ) بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّهَا وَخِفَّةِ الْوَاوِ أَيْ مَا يَصُونُ الشَّيْءَ كَقِشْرِ رُمَّانٍ وَبَيْضٍ وَبِطِّيخٍ، وَجَوْزٍ وَلَوْزٍ وَبُنْدُقٍ وَإِنْ لَمْ يُكْسَرْ شَيْءٌ مِنْهُ لِيَرَى مَا بِدَاخِلِهِ، وَلَا كَلَامَ لِلْمُشْتَرِي إذَا خَرَجَ الْبَاقِي مُخَالِفًا قَلِيلًا بِمَا لَا يَنْفَكُّ كَمَا يَأْتِي وَإِلَّا خُيِّرَ عَبْدُ الْحَقِّ إنَّمَا يَلْزَمُ الْبَاقِي الْمُوَافِقَ لَا، وَلَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَوَّلُ مَعِيبًا وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ ظَنَنْت الْبَاقِيَ سَلِيمًا فَاغْتَفَرْت عَيْبَ الْأَوَّلِ الَّذِي رَأَيْته. اهـ. وَهَذَا فِي عَيْبٍ يَحْدُثُ مِثْلُهُ فِي الْأَوَّلِ وَتَغْلِبُ السَّلَامَةُ مِنْهُ فِي الْبَاقِي كَسَوَادٍ بِأَعْلَى مَطْمُورَةٍ، وَأَمَّا الْعَيْبُ الَّذِي لَا يَحْدُثُ فِي الْأَوَّلِ إلَّا وَيَحْدُثُ مِثْلُهُ فِي الْبَاقِي كَسُوسٍ فَلَا كَلَامَ لِلْمُشْتَرِي إذَا وَجَدَهُ فِي الْبَاقِي بَعْدَ وُجُودِهِ فِي الْأَوَّلِ.

(وَ) جَازَ بَيْعُ عُرُوضٍ أَوْ طَعَامٍ فِي عِدْلٍ بِكَسْرِ الْعَيْنِ مَعَ الِاعْتِمَادِ فِي مَعْرِفَتِهَا (عَلَى) رُؤْيَةٍ أَوْ سَمَاعِ مَا كَتَبَ فِي (الْبَرْنَامِجِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ يَلِيهَا نُونٌ وَكَسْرِ الْمِيمِ آخِرُهُ جِيمٌ اسْمُ جِنْسٍ أَعْجَمِيٌّ مَعْنَاهُ الدَّفْتَرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا حَفِظَ مَا فِي الْعِدْلِ وَوَصَفَهُ لِلْمُشْتَرِي كَفَى عَنْ الْبَرْنَامَجِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ ثَوْبٍ مَطْوِيٍّ كَسَاجٍ مُدْرَجٍ وَهُوَ الطَّيْلَسَانُ. وَقِيلَ الثَّوْبُ الرَّفِيعُ عَلَى الصِّفَةِ؛ لِأَنَّ الْعُدُولَ عَنْ نَشْرِهِ وَتَقْلِيبِهِ مَعَ إمْكَانِهِ بِلَا ضَرَرٍ غَرَرٌ كَثِيرٌ قَالَ فِي الْمُوَطَّإِ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَيْ الْعِدْلِ وَالثَّوْبِ عَمَلُ الْمَاضِينَ، فَإِنْ كَانَ فِي نَشْرِهِ إفْسَادٌ لَهُ إذَا لَمْ يَرْضَهُ الْمُشْتَرِي جَازَ بَيْعُهُ بِالصِّفَةِ كَمَا فِي الْعِدْلِ، صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ.

الصفحة 484