كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 4)

وَقَبْضُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي

: وَحُرِّمَ فِي نَقْدٍ وَطَعَامٍ: رِبَا فَضْلٍ وَنَسَاءٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQهَالِكًا سَالِمًا أَوْ مَعِيبًا فَضَمَانُهُ حِينَئِذٍ مِنْ بَائِعِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ انْتِفَاءُ ضَمَانِهِ عَنْ الْمُشْتَرِي فَلَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِ إلَّا بِأَمْرٍ مُحَقَّقٍ، فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ غَيْرُ مُرَتَّبٍ قَالَهُ جَدّ عج وَتَبِعَهُ " د "، وَقَالَ غَيْرُهُ إلَّا لِشَرْطٍ رَاجِعٍ لَهُمَا وَاسْتَشْكَلَهُ فِي ضَيْح بِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ؛ لِأَنَّ نَقْلَ الضَّمَانِ إلَى غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ إلَّا بِحِصَّةٍ مِنْ الثَّمَنِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَطَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى الْآخَرِ مَا لَزِمَهُ عَلَى قَوْلٍ وَحَاصِلُهُ مُرَاعَاةُ الْخِلَافِ اهـ.

(وَقَبْضُهُ) أَيْ الْمَبِيعِ الْغَائِبِ غَيْرَ الْعَقَارِ أَيْ الْخُرُوجُ لِلْإِتْيَانِ بِهِ (عَلَى الْمُشْتَرِي) وَشَرْطُهُ عَلَى بَائِعِهِ مَعَ كَوْنِ ضَمَانِهِ مِنْهُ يَفْسُدُ بَيْعُهُ، وَإِنْ كَانَ ضَمَانُهُ فِي إتْيَانِهِ مِنْ مُبْتَاعِهِ فَجَائِزٌ وَهُوَ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَنَصُّهُ سَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً غَائِبَةً بِعَيْنِهَا وَهُوَ بِبَلَدٍ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهَا بِمَوْضِعِهِ لَا خَيْرَ فِيهِ لِلضَّمَانِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيِّنٌ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الثَّمَنِ وَقَعَ لِلضَّمَانِ وَهُوَ حَرَامٌ بِإِجْمَاعٍ. ابْنُ عَرَفَةَ لَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ هَذَا خِلَافُ الْمَذْهَبِ مِنْ جَوَازِ شَرْطِ الضَّمَانِ عَلَى الْبَائِعِ فِي الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي مُدَّةِ الْوُصُولِ إلَيْهِ لَا فِي مُدَّةِ إيصَالِهِ. اللَّخْمِيُّ الْإِتْيَانُ بِالْغَائِبِ عَلَى مُبْتَاعِهِ وَشَرْطُهُ إيَّاهُ عَلَى بَائِعِهِ مَعَ ضَمَانِهِ يُفْسِدُ بَيْعَهُ وَضَمَانَهُ فِي وُصُولِهِ مِنْ بَائِعِهِ، وَإِنْ شَرَطَ أَنَّهُ فِي إتْيَانِهِ مِنْ مُبْتَاعِهِ جَازَ وَكَانَ بَيْعًا وَإِجَارَةً.

(وَحَرُمَ فِي) بَيْعِ (نَقْدٍ) أَيْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِنَقْدٍ (وَ) فِي بَيْعِ (طَعَامٍ) بِطَعَامٍ (رِبًا) بِكَسْرِ الرَّاءِ مَقْصُورًا (فَضْلٍ) أَيْ زِيَادَةٍ (وَ) رِبَا (نَسَاءٍ) بِفَتْحِ النُّونِ مَمْدُودًا، أَيْ تَأْخِيرٍ وَإِضَافَتُهُ لِلْبَيَانِ، وَدَلِيلُ حُرْمَةِ رِبَا الْفَضْلِ فِي النَّقْدِ خَبَرُ «لَا تُشِفُّوا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ» ، بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ الْفَاءِ مُثْقَلَةً، أَيْ لَا تُفَضِّلُوا. وَحُرْمَةُ رِبَا النَّسَاءِ فِيهِ خَبَرُ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبَا إلَّا هَاءَ وَهَاءَ» . بِالْمَدِّ أَشْهَرُ مِنْ الْقَصْرِ، وَتُفْتَحُ الْهَمْزَةُ حَالَ الْمَدِّ وَكَسْرُهَا لُغَةٌ وَهُوَ اسْمُ فِعْلٍ أَصْلُهُ هَاكَ أُبْدِلَتْ الْكَافُ هَمْزَةً. وَدَلِيلُ حُرْمَتِهِمَا فِي الطَّعَامِ وَفِي النَّقْدِ خَبَرُ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَسَوَاءً بِسَوَاءٍ وَيَدًا بِيَدٍ، فَإِذْ اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ فَبِيعُوا

الصفحة 492