كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 4)

لَا دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ غَيْرُهُ بِمِثْلِهِمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» أَيْ تَقَابُضًا أَيْ مَعَ الِاتِّفَاقِ فِي الْمَطْعُومِيَّةِ وَالنَّقْدِ لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالنَّقْدِ مَعَ التَّأْخِيرِ.
وَاعْتَرَضَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِثَلَاثَةِ أُمُورٍ، الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ نَقْدٌ يُوهِمُ قَصْرَ حُرْمَةِ الرِّبَا عَلَى الْمَسْكُوكِ لِاخْتِصَاصِ النَّقْدِ بِهِ مَعَ أَنَّ الْحُرْمَةَ فِي التِّبْرِ وَالْمَصُوغِ وَالْمَكْسُورِ أَيْضًا. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ اخْتِصَاصَ النَّقْدِ بِالْمَسْكُوكِ طَرِيقَةٌ لِابْنِ عَرَفَةَ وَطَرِيقَةُ غَيْرِهِ أَنَّهُ يَعُمُّ غَيْرَ الْمَسْكُوكِ وَهُوَ صَرِيحُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَنَقْدٌ إنْ سُكَّ، وَقَوْلُهُ الْآتِي أَوْ غَابَ رَهْنٌ أَوْ وَدِيعَةٌ وَلَوْ سُكَّ. الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ رِبَا فَضْلٍ يَشْمَلُ فَضْلَ الصِّفَةِ وَالْحُرْمَةِ خَاصَّةً بِزِيَادَةِ الْقَدْرِ فِي الْعَدَدِ أَوْ فِي الْوَزْنِ، وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ الْآتِي وَجَازَ قَضَاءُ قَرْضٍ بِمُسَاوٍ وَأَفْضَلُ صِفَةً إلَخْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ هُنَا الْفَضْلُ فِي الْقَدْرِ دُونَ الصِّفَةِ. الثَّالِثُ: أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ رِبَا الْفَضْلِ يَدْخُلُ النَّقْدَ مُطْلَقًا وَالطَّعَامَ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِيمَا اتَّحَدَ جِنْسُهُ مِنْهُمَا، وَيَجُوزُ فِيمَا اخْتَلَفَ جِنْسُهُ فِيهِمَا يَدًا بِيَدٍ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ كَلَامَهُ هُنَا كَالتَّرْجَمَةِ لِمَا بَعْدَهُ فَهَذَا مُجْمَلٌ وَالْآتِي تَفْصِيلٌ لَهُ.

(لَا) يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ (دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ) بِدِينَارٍ وَدِرْهَمٍ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ بِاحْتِمَالِ رَغْبَةِ أَحَدِهِمَا فِي دِينَارِ الْآخَرِ فَيُقَابِلُهُ بِدِينَارِهِ وَبَعْضِ دِرْهَمِهِ، وَيَصِيرُ بَاقِي دِرْهَمِهِ فِي مُقَابَلَةِ دِرْهَمِ الْآخَرِ وَالشَّكُّ فِي التَّمَاثُلِ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ وَالْفَضْلُ الْمُتَوَهَّمُ كَالْفَضْلِ الْمُحَقَّقِ. ابْنُ شَاسٍ تَوَهُّمُ الرِّبَا كَتَحَقُّقِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعَ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ أَوْ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ نَوْعِهِ أَوْ سِلْعَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ الْقَصْدَ إلَى التَّفَاضُلِ، وَلِهَذَا يُمْنَعُ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ أَوْ غَيْرُهُ بِمِثْلِهِمَا (أَوْ) أَنْ يُبَاعَ (غَيْرُهُ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ كَشَاةٍ وَدِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ (بِمِثْلِهِمَا) أَيْ دِينَارٍ وَدِرْهَمٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمِثَالِ الْأَوَّلِ وَشَاةٍ وَدِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمِثَالِ الثَّانِي فَأَوْلَى بِأَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُمَا مِنْ جِنْسِهِمَا لِتَحَقُّقِ الْفَضْلِ فِيهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ مَنَعَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بَيْعَ دِينَارٍ وَثَوْبٍ بِدِينَارَيْنِ لِلْفَضْلِ بَيْنَ الذَّهَبَيْنِ؛ لِأَنَّ السِّلْعَةَ تَتَقَسَّطُ مَعَ دِينَارِهَا عَلَى الدِّينَارَيْنِ فَيُصِيبُ كُلُّ دِينَارٍ نِصْفَيْهِمَا، وَرُبَّمَا كَانَتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ أَكْثَرَ مِنْ الدِّينَارِ

الصفحة 493