كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 4)

لِلطَّائِفِينَ والْعاكِفِينَ والرُّكَّعِ السُّجُودِ (125)، (البقرة: 125) .. وإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ ومَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وبِئْسَ الْمَصِيرُ (126)، (البقرة: 126) .. فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ ومَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً ولِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ومَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (97)، (آل عمران: 97) .. وإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً واجْنُبْنِي وبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ (35)، (إبراهيم: 35).
بل وإن اللّه تعالى ذكّر كفار مكة بهذه النعمة العظيمة، وكأن هذه التذكرة تمثل قانونا خاصا بهذه المدينة العظيمة بأنها ستكون بمنأى عن أي اضطراب في حركة الأمم والشعوب، وهذا ما حصل فعلا: وقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا أَولَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا ولكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (57)، (القصص: 57) .. والأكثر من ذلك والأعجب أن اللّه تعالى أمر بعدم قتال الكفار والمشركين في هذا المكان لقدسيته: واقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ والْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ولا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (191)، (البقرة: 191).
فالآية تذكر واجب قتال الكفار والمشركين إبان المعارك بينهم وبين المسلمين في عهد النزول في أي مكان إلا عند المسجد الحرام، فانظر وتدبر لقدسية المكان بحق دم الكافر فكيف بحق دم المؤمن! .. بل وإن من مشاعر الحج أن لا يقتل صيد بر ولا تقطع شجرة، وما ذلك إلا لتعليم الناس قدسية هذا المكان الطاهر.
5 - الجانب الروحي لزائر هذا المكان الطاهر:
يعلم كل من حج أو اعتمر مدى الاستقرار النفسي والذهني والروحي الذي يصيب حتى العصاة والمبتعدين عن منهج اللّه تعالى عند دخوله لهذا المكان، وقد علمتم ما ذكرنا من أمر البحوث التي بينت مركزية مكة المكرمة للطاقات والإشعاعات الكونية، وسبحان اللّه العظيم ..
6 - الوحدة الروحية في هذه الرقعة الجغرافية:
عند ما أمر اللّه تعالى سيدنا إبراهيم عليه السلام بالمناداة بالحج وأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَاتُوكَ رِجالًا وعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَاتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)، (الحج: 27)، تعجب سيدنا إبراهيم عليه

الصفحة 101