كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 4)

وقد ساعدت عمليات دوران الأرض حول محورها من جهة والبرودة التدريجية التي تعرضت لها من جهة أخرى على تنسيق وترتيب مواد الأرض تبعا لاختلاف كثافتها وتكوين الغلاف الصخري الخارجي أو القشرة الأرضية الخارجية التي تتألف من صخور بردت تماما وتختلف عن المصهورات الممثلة في باطن الأرض، وكما يذكر علماء الفلك والجيولوجيا.
هذه الطبقات السبعة لجيولوجيا الأرض هو ما صرح به القرآن الكريم في قوله تعالى اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ ومِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (12)، (الطلاق: 12)، وقد بينا في كتاب الفلك معنى الطبقات السبعة للسماوات، وها هو العلم يذعن لتقسيم القرآن للأرض بأنها سبعة طبقات، واللّه أعلم. وإذا ما نظرنا للآية الكريمة من منظار آخر، وهو أن معنى الأرض لغة هو كل ما تطأه قدمك، لذا اقتضى المعنى هنا كل ما يتعلق بما تدب عليه أحياء برية كالبشر والحيوان. وحيث أن العلم لم يتوصل إلى وجود كوكب آخر فيه حياة عامرة بالحركة من كل الأصناف الحية في ماءه وبره عدا كوكبنا الفريد هذا رغم المحاولات الحثيثة للتوصل لهذا الاكتشاف، إذ بلغ ما رصد من أنظمة شمسية مشابهة لنظامنا الشمسي في الكون المرئي لحد اليوم مئات ولكن لا يوجد كوكب واحد مكتشف لحد اليوم يثبت وجود حياة. فلذلك فالمعنى يصبح الأرض التي تطأها أقدام الكائنات الحية، وعليه فأن المعنى لا يشمل الطبقات التحتية، وإنما يختص بالمنطقة الملامسة للقدم، ومن هنا فإن التقسيم السباعي للأرض في الآية الكريمة ينطبق على القشرة الأرضية حسب وبجزئها البري فقط.
وإذا ما تأملنا القارات التي تتقسم منها الكرة الأرضية فإننا نجدها سبعة - بمعنى العدد سبعة إذا أخذت الآية على الحقيقة - وهي قارتي القطبين الشمالية والجنوبية، وقارة إفريقيا، والأمريكتين كل منهما قارة، وقارة أستراليا، وقارتي أوربا وآسيا تعتبران واحدة لعدم وجود عازل واضح يفصلهما. أما إذا أخذت الآية على المجاز، والعرب تستخدم العدد سبعة للكثرة فإن الكثرة هنا تعني الجزر الكثيرة والعديدة التي تتكل منها القشرة الأرضية، واللّه أعلم. ويؤيد هذا الرأي ما جاء في آية الفتق والرتق التي ذكرناها في كتاب الفلك - الآية 30 من سورة الأنبياء - وهي قوله تعالى أَولَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَ

الصفحة 17