كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 4)

شكل الأرض الحقيقي كما هو مبين في الجدول. وهذا لعمري منتهى الدقة والاحتكام في اللفظ لإعطاء المعنى العلمي لشكل الأرض. وكذلك قوله تعالى: أَولَمْ يَرَوْا أَنَّا نَاتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها واللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ (41) (الرعد: 41)، وقوله تعالى: بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وآباءَهُمْ حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَاتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ (44) (الأنبياء: 44).
هاتين الآيتين تحويان مصطلح أطراف الأرض، فسرت وقت النزول أن الأرض هنا أرض الجزيرة ينقص اللّه بها أرض الكفار بنصر المسلمين وفتوحاتهم. ولكن البعد المستقبلي في الخطاب القرآني يؤكد أن المعنى للأرض هنا هو هذا الكوكب الذي نعيش. فكلمة أطراف لا تناسب الكروية في الهندسة والرياضيات، فالشكل الكروي لا طرف له، بينما الشكل الذي فيه خاصية التدوير مع خاصية الأطراف هو الشكل البيضوي. وإذا ما علمنا أن قوله تعالى (أَولَمْ يَرَوْا)، (أَفَلا يَرَوْنَ) تخص أمرا لا يقدر عليه إلا اللّه تعالى وهي كذلك كلما وردت في القرآن، يتبين لنا معنى النص بصورة جلية.
4. ويدعم كون الأرض منبسطة ومكورة قوله تعالى: أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ والْأَرْضَ وأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وجَعَلَ لَها رَواسِيَ وجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (61) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ ويَكْشِفُ السُّوءَ ويَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ والْبَحْرِ ومَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63) أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ومَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ والْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (64) قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ والْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ (66)، (النمل: 60 - 66).
فقوله تعالى (قرارا) تعني مستقرة بالدحو والتسوية كما فسرها العلماء من السلف

الصفحة 22