كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 4)

الذي يقع فيه.
ولكن ما الذي يجعل الأرض وما عليها تدور بثبات واتزان برغم تباين كثافة الجبال والبحار والأنهار والقشرة الأرضية ومادة سيما ( Sima) فائقة الكثافة؟!، الجواب على هذا هو قوله تعالى في الآية المباركة التي ذكرناها في الحلقة السابقة:
وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ (88) (النمل: 88).
وهو قوله تعالى (صنع اللّه الذي أتقن كل شىء) ... انه في مصطلح العلم الحديث يسمى قانون التوازن ( Isostasy) حيث إن الأرض يقوم توازنها على أساس الارتفاع والعمق في أجزائها المختلفة حيث إن المادة الأقل وزنا ارتفعت على سطح الأرض وإن المادة الثقيلة أصبحت خنادق هاوية على شكل بحار ومحيطات. وقد بحثت حالة 246 جبلا فوجدت أنها موزعة توزيعا جغرافيا مذهلا بحيث تقع على طول دائرتين في شكل سور له ثغرات يحتضن حوضا هائلا تعلوه الكتل الهوائية وتنخفض فيه وتعمل على انتظام دوران الأرض. والدائرتان الجبليتان إحداهما شمالية والأخرى جنوبية وتتماس هاتان الدائرتان عند خط العرض المار بالبحر الأبيض المتوسط وهذه السلاسل الجبلية توجد في الغالب في أطراف القارات.
هذا التوازن موجود في قوانين ضبط حركة الأرض أفقيا وراسيا أي أنه إذا حدث وأن نقصت كتلة أحد الجبال بفعل عوامل التعرية لقمته فان قاعدته ترتفع. في منطقة السيما اللينة بما يساوي ما نقص منه في القمة. كذلك فان المناطق التي ترسب فيها مواد التعرية تهبط في الطبقة اللينة السيما. وهكذا يظل مستوى الجبال في توازن مستمر والأرض في اتزان كذلك.
ومصطلح حركة ومتحرك ونحوها ذكرت مرة واحدة في القرآن، بينما سكن وساكن ذكرت أربع مرات، أما نحو ذلك من كلمات السكون والاستقرار فجاءت (43) مرة.
إن الآيات المباركات السابقات تبين لنا عدة حقائق علمية دامغة سبقت العلم الحديث في اكتشافه لها:
1. الجبال هي الأوتاد والمساكات التي تمسك اليابسة من أن تتحرك باتجاهات أفقية وهو قوله تعالى (تميد).
2. أن للجبل جذور عميقة تمنعه من الحركة كما يدق أحدنا مسمارا في قطعة ورق أو خشب ليلصقها في الجدار أو الأرض، وهو قوله تعالى (والجبال أوتادا)، فالوتد لغة

الصفحة 29