كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 4)

الحجري الحار والسريع وهو ما عرف في العلم الحديث بالانهيار البركاني فزحف على المدينة وعلى كل خليج نابولي ليجعلها أثرا بعد عين ويمسحها من الوجود فحنطت الجثث التي تبخرت مباشرة بفعل الكاربون الذي حرقها، فبقيت جثث الناس والحيوانات منهم من كان يصرخ ومنهم من كان يفعل الفاحشة ومنهم من كان يهم لجمع نقوده التي وجدت بجانب هيكله العظمي ومنهم من تعلق بأمه من الأطفال وغير ذلك من الصور المرعبة، وكأن المدينة أحيطت بجدار حجري زمني ليحفظها مدمرة كما هي لتكتشف بعد 1500 عام لتبقى شاهدة على عذاب ربك لقوم مسرفين من أهل الروم كي يراهم من يأتي من بعدهم ليتعظ ويتدبر، قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (42) (الروم: 42) .. ترى هل وردت هذه الآية الكريمة التي تحثنا على النظر في سير الأمم السابقة وما أصابها جراء فسقها وشركها في سورة الروم صدفة، أم أنها عنت هؤلاء القوم بالتحديد، اللّه تعالى أعلم وإن في ذلك لعبرة لقوم يتفكرون!.
الزلازل في القرآن الكريم
بعد هذا العرض الموجز عن علم الزلازل الواسع والذي تم الاهتمام به في القرن الأخير فقط - بسبب كثرة حصول الزلازل بشكل أكثر من الماضي وهذا ما تنبأ به المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم من جهة ولعدم توفر الوسائل العلمية الدقيقة لقياس الزلازل من جهة أخرى - نتطرق إلى المقياس القرآني للزلازل الذي وصفه اللّه تعالى، وقد أورد هذا الربط اللطيف الدكتور المهندس أحمد محمد إسماعيل في كتابه الذي سبق وأن أشرنا إليه في الباب الثاني في موضوع الرياضيات والإحصاء والأرقام في القرآن. حيث أشار إلى الآيات المباركات التي تذكر حركات الأرض واهتزازاتها وارتجاجاتها وما تتبعها من تدمير وفتك وهلاك لمن عليها وخصوصا الآيات التي تبدأ بكلمة «إذا» وربطها مع شدة الزلزال وسمى هذا المقياس بالمقياس الإلهي أو المقياس القرآني ومن هذه الآيات:
إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها (1) (الزلزلة: 1) .. وأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها (2) (الزلزلة: 2) .. إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4) (الواقعة: 4) .. وبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا (5) فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا (6) (الواقعة: 5، 6) .. وإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (3) (الانشقاق: 3) ..
وَأَلْقَتْ ما فِيها وتَخَلَّتْ (4) (الانشقاق: 4) .. إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) (الفجر: 21) .. وإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ (3) (الانفطار: 3) .. وإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4)

الصفحة 40