كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 4)

من وجهة نظر الثوابت القرآنية الشاملة يكون لدينا مقياس قرآنيا آخر وحسب الجدول الذي بيناه في كتابنا (المنظار الهندسي للقرآن الكريم).
وقد فصل الدكتور أحمد حسنين حشّاد في بحثه الموسوم (الزلازل والبراكين - رؤية إيمانية) المنشور في مجلة الإعجاز العلمي السعودية - العدد الثاني، ص 52 - في هذا الموضوع مؤكدا أن القرآن الكريم قرر قبل العلم حقيقتان مفادهما أن الزلازل والبراكين لهما ارتباط وثيق فيما بينهما، وأن جوف الأرض يحوي على المعادن الأثقل وزنا «1».
[و أما ما يتعلق بقصة هذا المسجد الذي ظل صامدا في زلزال تركيا عام 1999 م وكما هو واضح في الصورة الخاصة به في الصفحات السابقة، فتحليل علمي بسيط وبالرجوع للجدول الذي بيناه آنفا حول قوة الزلازل تجد أنه يجب من الناحية العلمية أن ينهار المسجد والقبة والمنارة أو تتصدع على الأقل عند المرحلة الرابعة أو الخامسة من التدرجات ال 12 التي تحويها المقاييس، ولكنه ورغم أن الزلزال الذي حصل كان عند المراحل الأكثر تقدما، فإنه ظل صامدا ولم يحصل له أو للبناية المجاورة أي تصدع أو ضرر، أي ليس هناك تعليل علمي لما حصل .. التعليل أيها الإخوة هو أن هذا المسجد أسس على تقوى اللّه، كيف يا ترى؟!.
بني هذا المسجد قبل قرنين من الزمن، بناه رجل بسيط كان يمني النفس بأن يمد اللّه في عمره كي يبني مسجدا، ولكن العين بصيرة واليد قصيرة، فقرر أن يعمل ويجتهد ويجمع المال ولو على حساب طعامه وشرابه وملبسه .. وهكذا استمر يعمل وكلما يحين طعام الغداء ينظر لما عنده من مال فيقول، كم أنفق للغداء والطعام، ثم يعود لنفسه ويقول كأنني أكلت وشبعت، وتمضي الأيام والرجل على هذا الحال يأكل وجبة ويجمع للمسجد وجبة من طعامه ويخاطب نفسه فيقول لها (كأنني أكلت)، حتى أتى عليه يوم وإذا بنقوده تكفي لبناء المسجد فتوكل على اللّه وبناه فأتمه، فصدق اللّه فصدقه اللّه، وبني المسجد على تقوى اللّه ومن الحلال المطلق، ومن الإيثار والصدق مع اللّه، وسمي المسجد باللغة التركية مسجد (كأنني أكلت) .. حتى إذا جاء الزلزال ظل صامدا رغم كل شيء ومعه العمارة الملاصقة له والتي تخدمه، لأن اللّه قد حماه جراء تقوى الرجل وصلاحه وصدقه مع ربه وحبه لدينه وتفانيه من أجله، فسبحان اللّه وهل من متعظ؟!.
______________________________
(1) مجلة الإعجاز، العدد الثاني، ص 52 - 56، 1417 ه - 1996 م.

الصفحة 46