كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 4)

الحديد والنيكل يغطيه إلى الخارج لب سائل، توجد به أيضا نسبة عالية من الحديد والنيكل المنصهر، ويلي ذلك إلى الخارج أربعة أنماط من الأوشحة المتباينة في صفاتها الكيميائية والطبيعية، ويغلف ذلك كله الغلاف الصخري للأرض.
ومن هنا ساد بين العلماء المعاصرين الاعتقاد بأن مجموعة المعادن الموجودة في الأرض، والتي تشكل غالبية كتلتها، لا يمكن أن تكون قد تكونت في الشمس، التي لم تصل درجة حرارتها بعد إلى الدرجة المطلوبة لتكون العناصر بعملية الاندماج النووي. بل لا بدّ لتلك المعادن الثقيلة من أن تكون قد تكونت في داخل بعض المستعرات وفوق المستعرات من النجوم التي انفجرت فتناثرت أشلاؤها الحديدية على هيئة وابل من النيازك الحديدية وصل إلى أرضنا الابتدائية. ولما كانت غالبية أرضنا من العناصر الخفيفة، استقرت هذه العناصر الحديدية في لب أرضنا وساعدت على تشكلها بهيئتها الحالية.
من هنا أصبح من الثابت أن حديد الأرض ليس من الأرض وإنما قد أرسل إليها من الفضاء الكوني، وهذه عملية لم يتوصل العلماء إلى فهمها إلا منذ سنوات قليلة، وفي المؤتمر العالمي الأول للإعجاز العلمي في القرآن والسنة الذي عقد بمدينة إسلام آباد بباكستان عام 1987، قدم العالم (روبرت كولمان) من جامعة ستانفورد بالولايات المتحدة الأمريكية وآخرون بحثا قالوا فيه: ونحن نعلم الآن أن الطاقة التي أحتاج إليها تشكل الحديد قد حدثت قبل نحو 13 ألف مليون سنة (أي بعد الانفجار العظيم الذي حدث به تشكل الكون) وقد تشكلت العناصر الثقيلة كالحديد، من الهيدروجين والهيليوم داخل المجرة، ثم هبطت إلى الأرض. وبما أن الحديد أثقل من العناصر الأخرى، فإنه ترسب إلى طبقة عميقة من الأرض، ووصل إلى مركز الأرض مشكلا منطقة الحديد السائل في مركز الأرض، فسبحان الذي أوحى إلى محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، ذلك النبي الأمي، بهذه الحقيقة الكونية قبل ألف وأربعمائة سنة، وفي وقت لم يكن لأحد على سطح الأرض القدرة على إدراك ولو جزء من هذه الحقيقة «1».
______________________________
(1) عن كتابنا (المنظار الهندسي للقرآن الكريم)، وانظر المعجزة الخالدة، قرص مدمج.

الصفحة 56