كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 4)

(يس: 37 - 40).
في الآية الأولى، هنا الجبال كناية عن الأرض لأنها أعظم تركيبة فيها من حيث الحجم والضخامة، أي أننا عند ما ننظر إليها نتوقع أنها ثابتة ولكنها تسير سيرا حثيثا شبهه القرآن الكريم بسير السحاب ولم يستخدم أداة تشبيه، أي أن سرعة جريانها تشبه سرعة جريان الرياح التي تحمل السحب. فكانت هذه أول إشارة في تأريخ البشر لدوران الأرض حول نفسها، وهنا يتجلى أمران:
1 - الحركة النسبية للجبال نسبة لدوران الأرض حول نفسها وحول الشمس ودوران المجموعة الشمسية حول مركز المجرة وهكذا. هذه الحركة التي لا يحسها الإنسان لأنه ساكن على سطح هذه الذرة الصغيرة السابحة في الفضاء الفسيح.
2 - هذا التشبيه الرائع بين سرعة الجبال وسرعة السحاب إذ لو درست سرعة الرياح الكاملة للسحب في طبقات الجو وقورنت مع سرعة الأرض حول نفسها لوجد الباحث عظمة هذا الربط الرائع .. فالمعلوم أن سرعة الأرض بحركتها الدائرية حول الشمس هي تقريبا 100000 كم/ ساعة، وبحركتها الدورانية حول نفسها حوالي 1650 كم/ ساعة، وطبعا فإن الجبال تتحرك ضمن الأرض التي تحتضنها .. وإذا ما قارنا هذه السرع مع سرعة الريح والتي هي أصلا جزء من الغلاف الجوي الأرضي فسرعتها إذا كانت ساكنة مساوية لسرعة الأرض (1650 كلم/ ساعة)، أما إذا كانت متحركة فتختلف سرعتها باختلاف عوامل عديدة فتصل في حالات مختلفة إلى حوالي 300 كم/ ساعة.
ومن هذا يتبين لنا دقة الربط بين حركة الجبال وتشبيهها بحركة السحب، وفي هذا دلالة على أن الجبال ثابتة شامخة ولها علاقة وطيدة بنزول المطر. ولكنها في نفس الوقت تدور مع دوران الأرض ولكننا نراها ثابتة لأننا نرى الأرض كذلك، واللّه أعلم.
أما الآية الثانية فتؤشر بشكل جلي دوران الشمس وقد ذكرنا أن العلم الحديث اكتشف دوران المجموعة الشمسية ككل باتجاه مجموعة هيركوليز النجمية. وكذلك ذكرت الآية دوران وجريان القمر وهو ما اكتشف حديثا من دورانه حول الأرض ومعها حول الشمس ومعهما وبضمن المجموعة الشمسية. وبالتالي فإن الأرض تدور وتجري ضمن هذه الدورانات والجريانات. وقوله تعالى (تجري) و (فلك) دلالة على الحركة الدائرية، بينما قوله تعالى (يسبحون) دلالة على الحركة الدورانية لأن السباحة تتطلب

الصفحة 7