كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 4)

الزروع والمواشي والجياد، وهنا تبرز أهمية الذهب والفضة كوسيلة لشراء بقية النعم والشهوات التي تليها، أما المرأة والأهل والولد فهؤلاء أسمى وأكبر من أن يقارنون بشيء مادي لذلك جاء تسلسلهم قبل البقية وهذه أهمية القيمة الحقيقية للإنسان عند خالقه، واللّه أعلم.
ربطت هذه الآية المباركة الشهوات بالتسلسل فإذا بالمرأة التي هي أقوى الشهوات للرجل تصبح بمساعدة القناطير المقنطرة من الذهب والفضة المطحنة والجاروشة التي تطحن الرجال والأمم، وهذا ما كان في تاريخ البشرية وفي حاضرها وفي مستقبلها إلا ما رحم ربي. ومن أراد التخلص من هذا الإعصار الجارف والتيار الهائل الذي لم يرحم ولن يرحم أحد فما عليه إلا التمسك بزورق النجاة الذي هو في حمى ملك الملوك ألا وهو الإسلام الحنيف ولا يهمه في ذلك تعليقات الجهال والفسقة والسفهاء فهؤلاء هم المحرقة التي تتقد فيها نيران هذه الفتن.
ينقل عن ابن كثير: ما أقول لكم: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول (إذا كنز الناس الذهب والفضة فاكنزوا هؤلاء الكلمات اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد وأسألك شكر نعمتك وأسألك حسن عبادتك وأسألك قلبا سليما وأسألك لسانا صادقا وأسألك من خير ما تعلم وأعوذ بك من شر ما تعلم وأستغفرك لما تعلم إنك أنت علام الغيوب) .. وقال القرطبي رحمه اللّه بأن اللّه قد خص الذهب والفضة بالذكر لأنه مما لا يطلع عليه بخلاف سائر الأموال قال الطبري: الكنز كل شيء مجموع بعضه إلى بعض في بطن الأرض كان أو على ظهرها سمي الذهب ذهبا لأنه يذهب والفضة لأنها تنفض فتتفرق ومنه قوله تعالى من سورة الجمعة الآية: 11 .. انْفَضُّوا إِلَيْها ... ، والآية 159 من سورة آل عمران ... لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ....
مفهوم التمتع بهذين العنصرين كحلي وزينة لم يقتصر على الدنيا حسب، بل أنهما اعتبرتا من أعظم جوائز الجنة كما تبين الآيات المباركات الآتية:
أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ ويَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ نِعْمَ الثَّوابُ وحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً (31)، (الكهف: 31) .. إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا

الصفحة 76