كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 4)

الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ ولُؤْلُؤاً ولِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ، (الحج: 23) .. جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ ولُؤْلُؤاً ولِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ (23)، (فاطر: 33)، .. يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وأَكْوابٍ وفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ (71)، (الزخرف: 71) .. عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وإِسْتَبْرَقٌ وحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً (21)، (الإنسان: 21).
ورغم أن الآيات تتحدث عن حلي الآخرة إلا أنها توضح أهمية وقيمة الذهب والفضة كحلي حتى إنها اختيرت دون غيرها لحلي أهل الجنة.
ب - عملية صناعة الحلي:
عرف المسلمون أغلب العناصر الفلزية والمعادن والمواد الأخرى، وكان للقرآن الكريم وسنة المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم دور أساسي في ذلك.
يقول اللّه سبحانه وتعالى في سورة الرعد أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً ومِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ والْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ (17)، (الآية: 17).
اتفق المفسرون قديمهم وحديثهم على أن المثل القرآني في هذه الآية يقصد به تشبيه زبد الماء بزبد أو خبث صناعة المعادن ومنها الحلي كالذهب والفضة.
يقول صاحب الظلال في تفسير هذه الآية ما نصه: أن الماء لينزل من السماء فتسيل به الأودية وهو يلم في طريقه غثاء فيطفو على وجهه في صورة الزبد ليحجب الزبد الماء في بعض الأحيان هذا الزبد نافش تراب منتفخ .. ولكنه بعد غثاء. والماء من تحته سارب ساكن هادئ ... ولكنه هو الماء الذي يحمل الخير والبركة .. كذلك يقع في المعادن التي تذاب لتصنع منها حلية كالذهب والفضة، أو آنية أو آلة نافعة للحياة كالحديد والرصاص، فإن الخبث يطفو وقد يحجب المعدن الأصيل، ولكنه بعد خبث يذهب ويبقى المعدن في نقاء ذلك مثل الحق والباطل في هذه الحياة، فالباطل يطفو ويعلو وينتفخ ويبدو رابيا طافيا ولكنه بعد زبد أو خبث، ما يلبث أن يذهب جفاء مطروحا لا حقيقة

الصفحة 77