كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 4)

له ولا تماسك فيه، والحق يظل هادئا ساكنا «ربما يحسبه بعضهم قد انزوى أو غار أو ضاع أو مات. لكنه هو الباقي في الأرض كالماء المحيي والمعدن الصريح، ينفع الناس.
وكذلك يضرب اللّه الأمثال للناس» وكذلك يعزز مصائر الدعوات ومصائر الاعتقادات ومصائر الأعمال والأقوال .. هو اللّه الواحد القهار .. المدبر للكون والحياة العليم بالظاهر والباطن .. والحق والباطل والباقي والزائل «1».
ت - حرارة اتقاد المعادن النفيسة:
الوصف القرآني لحرارة الاتقاد والصهر لعنصري الحلي الرئيسيين الذهب والفضة تتجلى في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ والرُّهْبانِ لَيَاكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ ويَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والْفِضَّةَ ولا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وجُنُوبُهُمْ وظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35). بمراجعة سريعة للتفاسير نجد أن المقصود بالآية هو الذين لا يؤدون زكاة أموالهم خصوصا الذين يكنزون الذهب والفضة ولا يؤدون حق اللّه والعباد فيها. النتيجة ستكون أنها سيحمى عليها فتكوى بها أجسادهم. وفي اللغة يحمى على الشيء أي بعد أن يصبح نارا .. فلو لاحظنا ان اختيار الذهب والفضة نفسها التي يخزن في الدنيا لغير وجه اللّه تعالى كان من جنس العمل الذي قام به هؤلاء البخلاء أنفسهم في حق أنفسهم ودينهم، أضف إلى ذلك أن درجة انصهار الذهب هي 1063 م والفضة هي 961 م، وكما موضحة في الجدول، ولكم ان تتصوروا ذلك العذاب الهائل والحرارة العالية التي سيتعرض لها هؤلاء الناس يوم القيامة والعياذ باللّه.
ث - مزج المعادن بالفخاريات والزجاجيات:
يمكن ربط المعادن مع السيراميكيات والزجاجيات من الناحية العلمية كما اكتشف حديثا عبر ثورة المواد التي يشهدها عصرنا الراهن، إذ توجد في المختبرات الكيميائية الإنكليزية نافذة من الرصاص الشفاف بسمك 2 م دلالة على التقدم التقني الذي توصل له البشر بخلط المعادن بالفخاريات، إلا أن القرآن العظيم قد سبق هذا بإشارته إلى هذا الموضوع.
ففي موضوع الفخاريات والسيراميكيات كالزجاج والصناعات الزجاجية وكذلك
______________________________
(1) تفسير الظلال، سيد قطب، ج/ 4، ص 2053 - 2054.

الصفحة 78