كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 4)

بإمكان القارئ الكريم الرجوع لكتابنا (المنظار الهندسي للقرآن الكريم) ليجد تفاصيل أكثر في السبق القرآني لهذا الموضوع المهم.
ب - الاستنباط اللغوي: البيوت الذهبية والسقف الفضية
كان لكل نبي معجزات عديدة، فهي إما أن تظهر على يديه دون طلب من قومه، أو إثر طلب يطلبه قومه تأييدا لما يدعيه من نبوة، ولما كانت سنة اللّه في عباده أن ينزل بهم العذاب الذي يقضي عليهم إذا ما كذبوا بالمعجزات، فقد حصلت هذه الحالة في مرات عديدة كما يقصها علينا القرآن الكريم في قصص سيدنا نوح وسيدنا موسى عليهما السلام إذ نزل العذاب على قومهم بعد حين من الزمن لكرامة هذين الرسولين العظيمين، وقوم صالح عليه السّلام وغيرها من القصص .. وكما في قصة المائدة التي أنزلت على حواريي سيدنا عيسى عليه السّلام (سورة المائدة: 112 - 115) وهنا آمن الحواريون فلم ينزل بهم العذاب، وأما من كذب من بني إسرائيل فتوعدهم اللّه تعالى بأن يعذبهم أسوأ العذاب يوم القيامة.
وفي عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كانت المعجزات المادية تظهر على يديه الشريفتين دون طلب من قومه - وهي عديدة كما هو معروف - ، فإذا ما طلبوا منه المعجزات كان اللّه أرحم بهم من أنفسهم إذ يعلم سبحانه أنهم سيكذبون بها وعليه سيستحقون إنزال العذاب بهم لذلك قال:
وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً (59)، (الإسراء: 59) .. وما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وأَنْتَ فِيهِمْ وما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)، (الأنفال: 33) ..
وعجيب أمر هذا الإنسان يرى أمامه كل الحجج والدلائل الدامغة ثم يتولى مستكبرا وهذا ديدن البشر دائما وهو ما نراه اليوم أمامنا كما كان في كل عصر الأنبياء والرسالات يرون كل آيات اللّه في الآفاق وفي الأنفس ولكنهم لا يعودون إلى اللّه مستغفرين تائبين وجَحَدُوا بِها واسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وعُلُوًّا، (النمل: من الآية 14).
وعند ما حاجّ الكفار رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وطلبوا منه طلبات تعجيزية جاء القرآن الكريم ليجيبهم عليها قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ والْجِنُّ عَلى أَنْ يَاتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَاتُونَ بِمِثْلِهِ ولَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (88) ولَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ

الصفحة 82