كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 4)

به وإذا كان كذلك فلما ذا لم يقل سقفا من ذهب أو ماس أو غير ذلك مما هو أنفس من الفضة؟ ..
بينما في سورة (الإسراء: 93) في قوله سبحانه وتعالى: أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ ولَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا (93)، نجد أن الكفار يحاجون رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بأن يأتيهم بمعجزات تؤيده ومنها بيت من زخرف ومعروف أن الزخرف هو الذهب «1» فما الفرق بين الحالتين؟.
علينا أولا فهم معنى السقف، ثم ننتقل لتفسير الآية لغة واصطلاحا وسببا.
يقول تعالى قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (26) (النحل: 26)، وفي قوله سبحانه وتعالى في سورة الأنبياء وجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ (32) (الآية: 32).
السقف في اللغة كما أورده الإمام الرازي في صحاحه: (السقف) للبيت والجمع سقوف، و (سقف) بضمتين عن الأخفش كرهن ورهن وقرئ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ إنما هو جمع سقيف كثيب وكثيب. و (سقف) البيت من باب قصر، و (السّقف) السماء و (السّقف) بفتحتين طول في انحناء يقال رجل (أسقف) قال ابن سكيت ومنها اشتق (أسقف) النصارى لأنه يتخاشع وهو رئيس من رؤسائهم في الدين «2» ...
نعود إلى الآية الكريمة من سورة الزخرف، والتي رأيت أن أفصل بعض الشيء في سرد نصوص بعض التفاسير المهمة من أجيال مختلفة كي نحاول تدبر المسألة بروية وتمهل.
يفسرها ابن كثير رحمه اللّه تعالى بقوله: أي لو لا أن يعتقد كثير من الناس الجهلة أن إعطاءنا المال دليل على محبتنا لمن أعطيناه فيجتمعوا على الكفر لأجل المال هذا
______________________________
(1) يقول الإمام الرازي - الزخرف هو الذهب ثم يشبه به كل مموه مزور، والزخرف أي المزين - مختار الصحاح، ص 270.
(2) مختار الصحاح، الرازي، ص 305.

الصفحة 84