كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 4)

معنى قول ابن عباس والحسن وقتادة والسدي وغيرهم لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ ومَعارِجَ أي سلالم ودرجا من فضة قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي وابن زيد وغيرهم عَلَيْها يَظْهَرُونَ أي يصعدون «1» ..
أما القرطبي فيفسرها بقوله: فيه خمس مسائل:
الأولى: قال العلماء: ذكر حقارة الدنيا وقلة خطرها، وإنها عنده من الهوان بحيث كان يجعل بيوت الكفرة ودرجها ذهبا وفضة لو لا غلبة حب الدنيا على القلوب؛ فيجعل ذلك على الكفر .. قال الحسن: المعنى لو لا أن يكفر الناس جميعا بسبب ميلهم إلى الدنيا وتركهم الآخرة لأعطيناهم في الدنيا ما وصفناه؛ لهوان الدنيا عند اللّه تعالى وعلى هذا أكثر المفسرين ابن عباس والسدي وغيرهم .. وقال ابن زيد: ولَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً في طلب الدنيا واختيارها على الآخرة لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ .. وقال الكسائي: المعنى لو لا أن يكون الناس في الكفار غني وفقير وفي المسلمين مثل ذلك لأعطينا الكفار من الدنيا هذا لهوانها.
الثانية: قرأ ابن كثير وأبو عمرو «سقفا» بفتح السين وإسكان القاف على الواحد ومعناه الجمع؛ اعتبارا بقوله سبحانه وتعالى: فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ (النحل: 26).
وقرأ الباقون بضم السين والقاف على الجمع؛ مثل رهن ورهن. قال أبو عبيد: ولا ثالث لهما. وقيل: جمع سقيف؛ مثل كثيب وكثب، ورغيف ورغف؛ قاله الفراء. وقيل هو جمع سقوف؛ فصير جمع الجمع: سقف وسقوف، نحو فلس وفلوس. ثم جعلوا فعولا كأنه اسم واحد فجمعوه على فعل. وروي عن مجاهد «سقفا» بإسكان القاف. وقيل:
اللام في «لبيوتهم» بمعنى على؛ أي على بيوتهم وقيل بدل؛ كما تقول: فعلت هذا لزيد لكرامته؛ قال اللّه سبحانه وتعالى: ولِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ (النساء: 11) كذلك قال هنا: لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ.
الثالثة: قوله سبحانه وتعالى: ومَعارِجَ يعني الدرج؛ قال ابن عباس وهو قول الجمهور.
واحدها معراج، والمعراج السلم، ومنه ليلة المعراج. والجمع معارج ومعاريج؛ مثل مفتاح
______________________________
(1) تفسير ابن كثير - سورة الزخرف.

الصفحة 85