كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 4)

ومفاتيح؛ لغتان. «و معاريج» قرأه أبو رجاء العطاردي وطلحة بن مصرف؛ وهي المراقي والسلاليم. قال الأخفش: ان شئت جعلت الواحد معرج ومعرج؛ مثل مرقاة ومرقاة .. عَلَيْها يَظْهَرُونَ (33) أي على المعارج يرتقون ويصعدون؛ يقال: ظهرت على البيت أي علوت سطحه. وهذا لأن من علا شيئا وارتفع عليه ظهر للناظرين. ويقال: ظهرت على الشيء أي علمته. وظهرت على العدو أي غلبته وأنشد نابغة بني جعدة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قوله:
علونا السماء عزة ومهابة ... و إنا لنرجو فوق ذلك مظهرا

أي مصعدا؛ فغضب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وقال: (إلى أين)؟ قال إلى الجنة؛ قال: (أجل إن شاء اللّه). قال الحسن: واللّه لقد مالت الدنيا بأكثر أهلها وما فعل ذلك! فكيف لو فعل؟! الرابعة: استدل بعض العلماء بهذه الآية على ان السقف لاحق فيه لرب العلو؛ لأن اللّه تعالى جعل السقوف للبيوت كما جعل الأبواب لها. وهذا مذهب مالك رحمه اللّه. قال ابن العربي: وذلك لأن البيت عبارة عن قاعة وجدار وسقف وباب، فمن له البيت فله أركانه. ولا خلاف أن العلو إلى السماء. واختلفوا في السفل، فمنهم من قال هو له، ومنهم من قال ليس له في باطن الأرض شيء وفي مذهبنا القولان.
وقد بين حديث الإسرائيلي الصحيح فيما تقدم: أن رجلا باع من رجل دارا فبناها فوجد فيها جرة من ذهب فجاء بها إلى البائع قال: إنما اشتريت الدار دون الجرة، وقال البائع: إنما بعت الدار بما فيها؛ وكلهم تدافعها فقضى بينهم النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أن يزوج أحدهما ولده من بنت الآخر ويكون المال لهما والصحيح أن العلو والسفل له إلا أن يخرج عنهما بالبيع، فإذا باع أحدهما أحد الموضعين فله منه ما ينفع به وباقيه للمبتاع منه.
الخامسة: من أحكام العلو والسفل. إذا كان العلو والسفل بين رجلين فيعتل السفل أو يريد صاحبه هدمه، فذكر سحنون عن أشهب انه قال: إذا أراد صاحب السفل أو يهدم، أو أراد صاحب العلو أن يبني علوه فليس لصاحب السفل أن يهدم إلا من ضرورة، ويكون هدمه له أرفق لصاحب العلو، لئلا ينهدم بانهدامه العلو، وليس لرب العلو أن يبني على علوه شيئا لم يكن قبل ذلك إلا الشيء الخفيف الذي لا يضر بصاحب السفل. ولو انكسرت خشبة من سقف العلو لأدخل مكانها خشبة ما لم تكن

الصفحة 86