كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 4)

أثقل منها ويخاف ضررها على صاحب السفل .. قال أشهب وباب الدار على صاحب السفل قال: ولو انهدم السفل أجبر صاحبه على بنائه وليس على صاحب العلو أن يبني السفل، فإن أبى صاحب السفل من البناء قيل له بع ممن يبني. وروى ابن القاسم عن مالك في السفل لرجل والعلو لآخر فاعتل السفل، فإن صلاحه على رب السفل وعليه تعليق العلو حتى يصلح سفله، لأن عليه إما أن يحمله على بنيان أو على تعليق، وكذلك لو كان على العلو فتعليق العلو الثاني على صاحب الأوسط. وقد قيل: أن تعليق العلو الثاني على رب العلو حتى يبني الأسفل. وحديث النعمان بن بشير عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال: «مثل القائم على حدود اللّه والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا» - اصل في هذا الباب وهو حجة لمالك وأشهب. وفيه دليل على أن صاحب السفل ليس له أن يحدث على صاحب العلو ما يضيره، وأنه إن أحدث عليه ضررا لزمه إصلاحه دون صاحب العلو، وإن صاحب العلو منعه من الضرر، لقوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «فإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا» ولا يجوز الأخذ إلا على يد الظالم أو من هو ممنوع من إحداث ما لا يجوز له في السنة .. وفيه دليل على استحقاق العقوبة بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،.
وفيه دليل على جواز القرعة واستعمالها «1».
أما صاحب الضلال فيفسرها بقوله: فهكذا لو لا أن يفتتن الناس. واللّه أعلم بضعفهم تأثير عرض الدنيا في قلوبهم - يجعل لمن يكفر بالرحمن صاحب الرحمة الكبيرة العميقة - بيوتا سقفها من فضة وسلالمها من ذهب. بيوتا ذات أبواب كثيرة قصورا فيها سرر للاتكاء، وفيها زخرف للزينة، رمزا لهوان هذه الفضة والذهب والزخرف والمتاع، بحيث تبذل هكذا رخيصة لمن يكفر بالرحمن «و أن كل ذلك لمتاع الحياة الدنيا» متاع زائل لا يتجاوز حدود هذه الدنيا ومتاع زهيد يليق بالحياة الدنيا والْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ وهؤلاء هم المكرمون عند اللّه فهو يدخر لهم ما هو أكرم وأبقى، ويؤثرهم بما
______________________________
(1) تفسير القرطبي، سورة الزخرف.

الصفحة 87