كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 4)

هو أقوم وأغلى ويميزهم على من يكفر بالرحمن، ممن يبذل لهم من ذلك المتاع الرخيص ما يبذله للحيوان! «1» .. وفسرها البخاري رحمه اللّه بقوله: لو لا أن يجعل الناس كلهم كفارا لجعلت لبيوت الكفار سقوفا من فضة ومعارج من فضة وهي درج وسرر فضة «2».
أما الأستاذ الشيخ محمد حسنين مخلوف فيقول حول هذه الآية ما نصه: بيان لحقارة الدنيا عند اللّه تعالى. أي لو لا كراهة أن يكفر الناس جميعا إذا رأوا الكفار في سعة من الرزق، بسبب ميلهم إلى الدنيا وتركهم الآخرة لأعطينا الكفار في الدنيا ما وصفنا من أسباب التنعم لهوانها علينا، ولكن اقتضت الحكمة أن يكون فيهم الغني والفقير، كما اقتضت أن يكون ذلك في المؤمنين، ليتميز من يطلب الدنيا للدنيا، ومن يطلبها لتكون زادا للآخرة، (أمة واحدة) أي مجتمعة على الكفر، (سقفا من فضة) جمع سقف (ومعارج) مصاعد من الدرج من فضة، جمع معرج (عليها يظهرون) يرتقون (وسررا) من فضة (وزخرفا) ذهبا أو زينة. أي وجعلنا لهم زخرفا ليجعلوه في السقف والمعارج والأبواب والسرر، ليكون بعض كل منها من فضة وبعضه من ذهب «3».
ولم يزد الشيخ جوهري طنطاوي في تفسيره «الجواهر في تفسير القرآن» لهذه الآية عمّا تقدم من التفاسير الأخرى «4»، ولكنه تكلم بالتفصيل عن الفضة والذهب والمعادن في عدة أماكن من تفسيره المكون من 26 جزءا.
سبب تحديد مادة السقف بالفضة:
بعد هذه الجولة في تفاسير السلف والخلف، يبقى السؤال قائما، وهو لما ذا اختار اللّه تعالى الفضة تحديدا في حالة الكفار، لما ذا السقف ولم يختر تحديد المواد التي تصنع منها السرر والمعارج والأبواب والبيوت وكبقية التكريمات الاستدراجية التي أراد اللّه تعالى أن يعطيها للكفار لو لا أن يكون الناس أمة واحدة؟ .. بينما في حالة الآية الأخرى من سورة الإسراء كان تحدي الكفار لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بأن ينزل من السماء بيتا من ذهب؟.
______________________________
(1) تفسير الضلال سيد قطب، ج/ 5، ص 3188.
(2) البخاري (كتاب تفسير القرآن) سورة الزخرف.
(3) صفوة البيان لمعاني القرآن، الأستاذ الشيخ محمد حسنين مخلوف، مفتي الديار المصرية السابق وعضو جماعة كبار العلماء، الطبعة الثالثة، ص 624.
(4) الجواهر في تفسير القرآن، للأستاذ الشيخ جوهري طنطاوي، ج/ 20، ص 155.

الصفحة 88