كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 4)

وكذلك تداخل الليل والذي يشير لغروب الشمس وحلول الظلام مع النهار الذي هو ببساطة دليل لدور الشمس وطاقتها في حياة الكائنات المختلفة. فمعاني كلمات الآيات المباركات تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ من الولوج أي الدخول والتداخل لأحدهما على الآخر مما يزيد من طوله أو ينقص منه، يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً من تغطية أحدهما الآخر وجريان النهار (الضوء أي شروق الشمس) خلف الليل (الظلام أي غياب الشمس)، فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً أي جعلنا لسلطان الضوء وطاقته القادمة من الشمس القدرة والإمكانية لإزالة الظلمة ..
وكل تلك الآيات وغيرها الكثير تدل على الزيادة والنقصان في أوقات الليل والنهار على مناطق مختلفة من العالم بشكل منظم لا يقبل الخطأ، وهذا بدوره يدل على دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس، ذلك تقدير العزيز العليم ..
أما الحركات الأخرى فواضحة في قوله تعالى:
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا وأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى (53) (طه: 53).
أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (6) والْجِبالَ أَوْتاداً (7) وخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً (8) وجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً (9) وجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً (10) وجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً (11) وبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً (12) وجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً (13) (النبأ: 6 - 13).
المهد: أي كالفراش الذي يوطأ للطفل. وفي الآية الثانية جعل النوم السبات في الليل متسلسلا مع جعل الأرض كالمهد للطفل. أما دليلنا أن معنى المهد هو فراش الطفل الذي ينام فيه فمن اللغة والقرآن:
فبالرغم من الوجه البلاغي في الاستعارة التي يستخدمها القرآن الكريم لذلك فإذا أردنا أن نترجمها إلى لغات أخرى لا يسعنا إلا أن نقول أن المعنى هنا لكلمة المهد هو ليس فقط السكنى والاستقرار وكونه مستقرا للمعيشة وإنما هو فعلا فراشا للنوم بسبب حركة الأرض الاهتزازية التي ذكرنا. وعليه يكون القرآن الكريم هو مؤسس هذا العلم وليس غاليلو ونيوتن ..

الصفحة 9