كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 4)

العقد التسعيني للقرن العشرين الميلادي.
وحول هذا الموضوع يقول سبحانه وتعالى في سورة (الأنعام: 92) وهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ولِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى ومَنْ حَوْلَها والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (92)، فلما ذا مكة أم القرى؟ ولما ذا أطلق اللّه تعالى على بقية الأرض لفظ من حولها؟ وكأن الأمر يتعلق بمركز ما والأفلاك التي تدور حوله؟! ... لنتدبر المسألة جيدا:
فضل اللّه تبارك وتعالى بعض الساعات على بعض كتفضيل ساعة الفجر حينما أقسم في كتابه المجيد في سورة (الفجر: 1) والْفَجْرِ (1)، فأصبحت أفضل ساعات النهار، وفضل بعض الأيام على بعض كتفضيل يوم الجمعة على سائر الأيام الأسبوع، وفضل بعض الشهور على بعض، كتفضيل شهر رمضان على سائر شهور السنة، وفضل بعض الليالي على بعض، كتفضيل ليلة القدر على سائر ليالي العام، وفضل بعض الرسل على بعض كما في قوله تعالى في سورة (البقرة: 253) تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ. وفضّل جل وعلا بعض الأماكن على بعض كتفضيل مكة على سائر بقاع العالم لتكون مركزا لظهور الدين الخاتم وانتشاره إلى سائر بقاع الأرض. ومعلوم أن عدد القارات في الأرض سبعة قارات منها خمسة مأهولة بالسكان والقارتان القطبيتان خاليتان من الحياة البشرية وكذلك من المعروف أن الرقم (7) ذو أهمية كبيرة في الحقائق الكونية فهناك سبعة قارات وسبعة ألوان للطيف وسبع سماوات (إذ أن آخر تقسيم علمي فلكي لطبقات السماء هو 7) «1». أما في القرآن فإن الرقم (7) له دلالة وأهمية عظيمة جدا فهناك سبع سماوات وسبع أرضين وسبعة أبواب لجهنم وسبع أسماء لجهنم وغير ذلك، أما الرقم (5) الذي يشير إلى خمسة قارات مسكونة من قبل البشر فهناك من يربط هذا بالصلوات الخمسة للمسلمين، والحقيقة أن القارات سبعة أيضا كما بينا في بداية الكتاب، واللّه أعلم.
فضّل اللّه تبارك وتعالى مكة وكرمها حين جعلها مركز جذب الإشعاعات الروحية، مركزا يحج إليه المسلمون من كل فج عميق، وشاءت إرادة اللّه تبارك وتعالى أن يوضع
______________________________
(1) كما ذكرنا في كتاب الفلك ..

الصفحة 94