كتاب الفرج بعد الشدة للتنوخي (اسم الجزء: 4)

فَأَرَدْت أَن أعلم مَا فِي الْكتب الْوَارِدَة عَلَيْهِ.
وَجعل عمر فِي خلال ذَلِك يلمس الْبسَاط الَّذِي كَانَ تَحت المعتصم، فَزَاد ذَلِك فِي غَضَبه.
وَقَالَ: يَا ابْن الفاعلة، مَا شغلك مَا أَنْت فِيهِ عَن لمس الْبسَاط، كَأَنَّك غير مكترث بِمَا أريده بك؟ فَقَالَ: لَا وَالله، يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَلَكِن العَبْد يعْنى من أَمر سَيّده، بِكُل شَيْء، على جَمِيع الْأَحْوَال، فَإِنِّي استخشنت هَذَا الْبسَاط، وَلَيْسَ هُوَ من بسط الْخلَافَة.
فَقَالَ لَهُ: وَيلك، هَذَا الْبسَاط ذكر مُحَمَّد بن عبد الْملك أَنه قَامَ علينا بِخَمْسِينَ ألف دِرْهَم.
فَقَالَ: يَا سَيِّدي عِنْدِي خير مِنْهُ قِيمَته سبع مائَة دِينَار.
قَالَ: فَذهب عَن المعتصم، وَالله، ذَلِك الْفَوْر الَّذِي كَانَ بِهِ، وَسكن غَضَبه.
قَالَ: وَجه السَّاعَة من يحضرهُ.
فجَاء ببساط قد قَامَ عَلَيْهِ، فِيمَا أَظن، بِأَكْثَرَ من خَمْسَة آلَاف دِينَار، وَاسْتَحْسنهُ المعتصم، واستلانه.
وَقَالَ: هَذَا، وَالله، أحسن من بساطنا، وأرخص، وَقد أخذناه مِنْك بِمَا قَامَ عَلَيْك.
وَوَاللَّه مَا برح ذَلِك الْيَوْم، حَتَّى نادمه، وخلع عَلَيْهِ.

الصفحة 18