كتاب الفرج بعد الشدة للتنوخي (اسم الجزء: 4)
وتأملنا أمرنَا، فَرَأَيْنَا الْأسود يرجمنا، فطلبناه، وطلبنا.
فَلَمَّا تداخلنا، رام الْأسود أَن يقبض عَليّ، فزغت مِنْهُ، فَقبض على الْخُرَاسَانِي، وَكَانَ الْخُرَاسَانِي أيدًا، فَمَا زَالا يتعاركان سَاعَة طَوِيلَة، ثمَّ انكب الْأسود على كتف الْخُرَاسَانِي فعضه.
فصاح الْخُرَاسَانِي: يَا بغدادي أدركني، فقد قتلني.
فدنوت من خلف الْأسود فقبضت على خصيتيه، ولكمتها لكمات شَدِيدَة فَخر مغشيًا عَلَيْهِ، وَقَامَ الْخُرَاسَانِي، فَجَلَسَ على صَدره، وخنقه بِيَدِهِ حَتَّى تلف.
وسرنا، والخراساني يَصِيح من ألم العضة، حَتَّى انتهينا إِلَى حِيَال قَرْيَة عامرة.
فصحنا بملاح، فَقدم زورقه لنعبر إِلَى الْقرْيَة، فَطرح الْخُرَاسَانِي نَفسه على الشط كالتالف.
فشجعته، وَقلت لَهُ: مَالك؟ وَأي شَيْء قدر عضة؟ فَقَالَ: وَيحك انْظُر إِلَيْهَا، فَنَظَرت إِلَيْهَا، فَإِذا هِيَ قد أخذت كتفه كلهَا، واسودت، واحمر بدنه كُله.
فَحَملته أَنا والملاح، حَتَّى حصلناه فِي الزورق، وعبرنا، فَلَمَّا صرنا بِقرب الشط، تلف، فأخرجناه مَيتا.
فَاجْتمع أهل الْقرْيَة وسألوا عَن شَأْنه، فحدثتهم الحَدِيث.
الصفحة 26
435