كتاب الفرج بعد الشدة للتنوخي (اسم الجزء: 4)
يكون الْكتاب عِنْدِي، فَلَا أسلمه إِلَيْهِ، فَلَعَلَّ حَادِثَة تحدث، وَترجع إِلَيْك ضيعتك، وَتَكون بالعاجل قد تخلصت، وَسلم دمك أَربع سِنِين.
قَالَ: فَعلمت أَنه قد نصحني، وآثر خلاصي، وأجبت.
فَدخل إِلَى بجكم، وَلم يزل مَعَه فِي محادثات، إِلَى أَن تقرر الْأَمر على مَا قاولني عَلَيْهِ، وأحضر الشُّهُود، وَكتب عَليّ الْكتاب بالابتياع، وَالْكتاب بِالْإِجَارَة.
وَقَالَ لي: ألوجه أَن تقيم كفلاء بِبَقِيَّة المصادرة الأولى، فقد استأذنته فِي صرفك إِلَى مَنْزِلك، وَإِذا انصرفت، فانضم، وَلَا يراك أحد، وَكن متحذرًا، وَلَا تظهر أَنَّك مستتر، فتغريه بك.
قَالَ: فشكرته، وأقمت الكفلاء بِالْمَالِ، إِلَى أَيَّام مَعْلُومَة، فصرفني.
فعدت إِلَى دَاري، وَكنت متحذرًا، أَجْلِس فِي كل يَوْم، فَيدْخل إِلَيّ بعض النَّاس، بِمِقْدَار مَا يعلم أَنِّي بداري، فَإِذا كَانَ نصف النَّهَار، خرجت إِلَى منَازِل إخْوَانِي، وأقمت يَوْمًا عِنْد هَذَا، وَيَوْما عِنْد الآخر، وراعيت أَخْبَار دَاري، أتوقع أَن يجيئها من يكبسها، فَأَكُون بِحَيْثُ لَا يعرف خبري، فأنجو.
فطال ذَلِك، والسلامة مستمرة، وَانْحَدَرَ بجكم إِلَى وَاسِط، فأنست بِالْجُلُوسِ والاستقرار فِي دَاري.
فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الْأَيَّام، ضَاقَ صَدْرِي ضيقا لَا أعرف سَببه، وَاسْتَوْحَشْت، وفكرت فِي أَمْرِي، وَقلت: إِن كبست على غَفلَة، فَمَاذَا أصنع؟ قَالَ: وَكَانَ لداري أَرْبَعَة عشر بَابا، إِلَى أَرْبَعَة عشر سكَّة، وشارعًا، وزقاقًا نَافِذا، وَمِنْهَا عدَّة أَبْوَاب لَا يعرف جِيرَانهَا أَنَّهَا تُفْضِي إِلَى دَاري، وأكثرها عَلَيْهِ الْأَبْوَاب الْحَدِيد.
الصفحة 31
435