كتاب الفرج بعد الشدة للتنوخي (اسم الجزء: 4)
إِسْحَاق المصعبي تحركه رقاع أَصْحَاب الأرباع بِبَغْدَاد
حَدثنِي عبد الله بن مُحَمَّد بن داسة الْبَصْرِيّ رَحمَه الله، قَالَ: حَدثنِي أَبُو يحيى بن مكرم، القَاضِي الْبَغْدَادِيّ، قَالَ: حَدثنِي أبي، قَالَ: كَانَ فِي جواري، رجل يعرف بِأبي عُبَيْدَة، حسن الْأَدَب، كثير الرِّوَايَة للْأَخْبَار، وَكَانَ قَدِيما ينادم إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم المصعبي، فَحَدثني: أَن إِسْحَاق استدعاه ذَات لَيْلَة، فِي نصف اللَّيْل.
قَالَ: فهالني ذَلِك، وأفزعني، لما كنت أعرفهُ مِنْهُ، من زعارة الْأَخْلَاق، وَشدَّة الْإِسْرَاع إِلَى الْقَتْل، وَخفت أَن يكون قد نقم عَليّ شَيْئا فِي الْعشْرَة، أَو بلغ عني بَاطِلا، فأحفظه، فيسرع إِلَى قَتْلِي، قبل كشف حَالي.
فَخرجت طَائِر الْعقل، حَتَّى أتيت دَاره، فأدخلت إِلَى بعض دور الْحرم، فَاشْتَدَّ جزعي، وَذهب عَليّ أَمْرِي.
فانتهي بِي إِلَيْهِ، وَهُوَ فِي حجرَة لَطِيفَة، فَسمِعت فِي دهليزها بكاء امْرَأَة ونحيبها، وَدخلت، فَإِذا هُوَ جَالس على كرْسِي، وَبِيَدِهِ سيف مسلول، وَهُوَ مطرق، فأيقنت بِالْقَتْلِ.
فَسلمت، ووقفت، فَرفع رَأسه وَقَالَ: اجْلِسْ أَبَا عُبَيْدَة، فسكن روعي، وَجَلَست.
فَرمى إِلَيّ رِقَاعًا كَانَت بَين يَدَيْهِ، وَقَالَ: اقْرَأ هَذِه
الصفحة 5
435