كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 4)

هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وَقَالُوا فِي تَعْلِيلِهِ: لِأَنَّهُ لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ فِي الْعَادَةِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالُوا. وَلَيْسَ بِمَانِعٍ انْتَهَى. وَقِيلَ: إنْ جَازَ بَيْعُ لَبَنِ الْأَمَةِ غَرِمَهُ. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ. قُلْت: وَيَخْرُجُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، بَلْ أَوْلَى.
قَوْلُهُ (وَلَا يَحِلُّ لِلْبَائِعِ تَدْلِيسُ سِلْعَتِهِ. وَلَا كِتْمَانُ عَيْبِهَا) أَمَّا التَّدْلِيسُ: فَحَرَامٌ بِلَا نِزَاعٍ. وَأَمَّا كِتْمَانُ الْعَيْبِ: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ حَرَامٌ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الصَّوَابُ. وَذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ الْعُلَمَاءِ، وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّهُ يُكْرَهُ. قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: الْكَرَاهَةُ نَصَّ عَلَيْهَا أَحْمَدُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَذْهَبِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفَائِقِ. لَكِنْ اخْتَارَ الْأَوَّلَ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَالْمَشْهُورُ صِحَّةُ الْبَيْعِ مَعَ الْكَرَاهَةِ. انْتَهَى. قُلْت: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِالْكَرَاهَةِ: التَّحْرِيمُ. قَوْلُهُ (فَإِنْ فَعَلَ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ)
يَعْنِي إذَا كَتَمَ الْعَيْبَ أَوْ دَلَّسَهُ وَبَاعَهُ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ. نَقَلَ حَنْبَلٌ: بَيْعُهُ مَرْدُودٌ. وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. قَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: وَهُوَ ظَاهِرُ مَنْصُوصِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ.
وَفِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: إذَا دَلَّسَ الْبَائِعُ الْعَيْبَ وَبَاعَ، فَتَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ فِعْلِهِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ. وَقَوْلُهُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إنْ دَلَّسَ الْعَيْبَ فَالْمَبِيعُ بَاطِلٌ. قِيلَ لَهُ: فَمَا تَقُولُ فِي الْمُصَرَّاةِ؟ فَلَمْ يَذْكُرْ جَوَابًا. قَالَ الشَّارِحُ، وَابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: فَدَلَّ عَلَى رُجُوعِهِ. قُلْت: أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ يَحْكِي: أَنَّ هَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ. وَلَمْ يَذْكُرُوا أَنَّهُ رَجَعَ

الصفحة 404