كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 4)

وَإِنْ كَسَرَهُ كَسْرًا يُمْكِنُ اسْتِعْلَامُهُ بِدُونِهِ. فَهُوَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا تَعَيَّبَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: نَعَمْ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي فِي الَّذِي قَبْلَهُ إذَا رَدَّهُ: هَلْ يَلْزَمُهُ أَرْشُ الْكَسْرِ أَمْ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الزَّائِدُ عَلَى اسْتِعْلَامِ الْمَبِيعِ؟ مَحَلُّ تَرَدُّدٍ. انْتَهَى. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ رَزِينٍ: حُكْمُهُ حُكْمُ الَّذِي قَبْلَهُ عِنْدَ الْخِرَقِيِّ، وَالْقَاضِي. انْتَهَوْا. قُلْت: يُشْبِهُ مَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَا قَالُوا فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ شَيْءٍ. فَبَاعَهُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ، أَوْ بِأَنْقَصَ مِمَّا قَدَّرَهُ. وَقُلْنَا: يَصِحُّ، وَيَضْمَنُ النَّقْصَ. فَإِنْ فِي قَدْرِهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: هُوَ مَا بَيْنَ مَا بَاعَ بِهِ وَثَمَنِ الْمِثْلِ.
وَالثَّانِي: هُوَ مَا بَيْنَ مَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ وَمَا لَا يَتَغَابَنُونَ. عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ.

قَوْلُهُ (وَمَنْ عَلِمَ الْعَيْبَ، ثُمَّ أَخَّرَ الرَّدَّ: لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ، إلَّا أَنْ يُوجَدَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، مِنْ التَّصَرُّفِ وَنَحْوِهِ) .
اعْلَمْ أَنَّ خِيَارَ الْعَيْبِ عَلَى التَّرَاخِي، مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى رَدِّهِ أَوْ أَرْشِهِ. لِتَضَرُّرِ الْبَائِعِ بِالتَّأْخِيرِ.
وَعَنْهُ: أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ. قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي مَوْضِعٍ مِنْهُ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَقِيلَ عَنْهُ رِوَايَةٌ: أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ. انْتَهَى.
وَقِيلَ: السُّكُوتُ بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْعَيْبِ رِضًا.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ " إلَّا أَنْ يُوجَدَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِنْ التَّصَرُّفِ وَنَحْوِهِ " مَبْنِيٌّ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ رِوَايَةٌ اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ أَنَّهُ لَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا: أَنَّ لَهُ الْأَرْشَ. عِنْدَ قَوْلِهِ " وَإِنْ فَعَلَهُ عَالِمًا بِعَيْبِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ ".

الصفحة 426