كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 4)

فَقَالَ: هَذَا الثَّمَنُ وَقَدْ خَرَجَ مَعِيبًا. وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي: فَفِيهِ طَرِيقَانِ.
أَحَدُهُمَا:
إنْ قُلْنَا النُّقُودُ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي. لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقَ الرَّدِّ. وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. وَإِنْ قُلْنَا لَا يَتَعَيَّنُ: فَوَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي أَيْضًا. لِأَنَّهُ أَقْبَضَ فِي الظَّاهِرِ مَا عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي: قَوْلُ الْقَابِضِ. لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي ذِمَّتِهِ. وَالْأَصْلُ اشْتِغَالُهَا بِهِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ بَرَاءَتُهَا مِنْهُ. وَهِيَ طَرِيقَتُهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ.
الطَّرِيقُ الثَّانِيَةُ:
إنْ قُلْنَا النُّقُودُ لَا تَتَعَيَّنُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَجْهًا وَاحِدًا. لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ اشْتِغَالُ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ. وَلَمْ يَثْبُتْ بَرَاءَتُهَا مِنْهُ. وَإِنْ قُلْنَا تَتَعَيَّنُ: فَوَجْهَانِ مُخَرَّجَانِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ. فِيمَا إذَا ادَّعَى كُلُّ [وَاحِدٍ] مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَنَّ الْعَيْبَ حَدَثَ عِنْدَهُ فِي السِّلْعَةِ. أَحَدُهُمَا: الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ. لِأَنَّهُ يَدَّعِي سَلَامَةَ الْعَقْدِ. وَالْأَصْلُ، عَدَمُهُ. وَيَدَّعِي عَلَيْهِ الْفَسْخَ. وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.
وَالثَّانِي: قَوْلُ الْقَابِضِ. لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ التَّسْلِيمَ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ، إذَا أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ الْمَرْدُودُ بِالْعَيْبِ هُوَ الْمَبِيعُ. وَلَمْ يَحْكِيَا خِلَافًا، وَلَا فَصْلًا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ أَوْ مُعَيَّنًا. نَظَرًا إلَى أَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقَ الرَّدِّ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الصَّرْفِ. وَفَرَّقَ السَّامِرِيُّ فِي فُرُوقِهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَرْدُودُ بِعَيْبٍ وَقَعَ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا. فَيَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ، فَيَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي لِمَا تَقَدَّمَ. وَهَذَا فِيمَا إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْعَيْبَ أَنَّ مَالَهُ كَانَ مَعِيبًا. أَمَّا إنْ اعْتَرَفَ بِالْعَيْبِ، وَقَدْ فَسَخَ صَاحِبُهُ، وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ هُوَ هَذَا الْمُعَيَّنَ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ. صَرَّحَ بِهِ فِي التَّفْلِيسِ فِي الْمُغْنِي. مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ

الصفحة 434