كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 4)

وَهَذِهِ عَادَةُ ابْنِ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ مَعَ الْمُصَنِّفِ، إذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى مَنْقُولٍ بِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ. وَهَذَا لَيْسَ بِجَيِّدٍ. فَإِنَّ الِاعْتِذَارَ عَنْهُ أَوْلَى مِنْ ذَلِكَ. وَالْمُصَنِّفُ إمَامٌ جَلِيلٌ، لَهُ اخْتِيَارٌ وَاطِّلَاعٌ عَلَى مَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ.
إذَا عَلِمْت ذَلِكَ: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا مُطْلَقًا. كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْخُلَاصَةِ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَقَالَ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ.
وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ: إنْ كَانَ الْبَائِعُ ظَالِمًا انْفَسَخَ فِي حَقِّهِ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا. وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي ظَالِمًا انْفَسَخَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمَذْهَبِ، وَالْبُلْغَةِ. وَاخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ قَوْلٌ ثَالِثٌ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الثَّمَنِ تَحَالَفَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْبَلَدِ نَقْدٌ مَعْلُومٌ. فَيُرْجَعُ إلَيْهِ) .
إذَا كَانَ لِلْبَلَدِ نَقْدٌ وَاحِدٌ، وَاخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الثَّمَنِ: أُخِذَ بِهِ. نُصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ. وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نُقُودٌ، فَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: أُخِذَ بِالْغَالِبِ. وَعَنْهُ الْوَسَطُ. اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ. وَعَنْهُ الْأَقَلُّ. قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَيَتَحَالَفَانِ.
وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الثَّمَنِ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ يُرْجَعُ إلَى أَغْلَبِ نُقُودِ الْبَلَدِ. فَإِنْ تَسَاوَتْ فَأَوْسَطُهَا. وَقَالَ الْقَاضِي: يَتَحَالَفَانِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: أُخِذَ نَقْدُ الْبَلَدِ أَوْ غَالِبُهُ إنْ تَعَدَّدَتْ نُقُودُهُ. نَصَّ عَلَيْهِ. فَإِنْ اسْتَوَتْ فَالْوَسَطُ. وَمِنْ قَبْلُ قَوْلُهُ: حَلَفَ. وَقِيلَ: يَتَحَالَفَانِ.
زَادَ فِي الْكُبْرَى وَقِيلَ: إنْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ بِدِرْهَمٍ وَأَطْلَقَ، وَهُنَاكَ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ. فَلَهُ أَقَلُّ ذَلِكَ.

الصفحة 452