كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 4)

قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُبَاعَ الْمَبِيعُ. وَقِيلَ: وَغَيْرُهُ مِنْ مَالِهِ، فِي وَفَاءِ ثَمَنِهِ إذَا تَعَذَّرَ لِإِعْسَارٍ أَوْ بُعْدٍ.
تَنْبِيهٌ:
قَدْ يُقَالُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ " الْمُشْتَرِي مُعْسِرًا " أَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ مُعْسِرًا بِهِ كُلِّهِ أَوْ بِبَعْضِهِ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ.
قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَقِيلَ: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُعْسِرًا بِهِ كُلِّهِ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ فَائِدَةٌ:
لَوْ أَحْضَرَ نِصْفَ الثَّمَنِ، فَهَلْ يَأْخُذُ الْمَبِيعَ كُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ؟ أَوْ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا حَتَّى يَزْنِ الْبَاقِيَ، أَوْ يُفْسَخُ الْبَيْعُ وَيَرُدُّ مَا أَخَذَهُ؟ . قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَقِيلَ: نَقْدُ بَعْضِ الثَّمَنِ لَا يَمْنَعُ الْفَسْخَ. انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَإِنْ أَحْضَرَ نِصْفَ ثَمَنِهِ. فَقِيلَ: يَأْخُذُ الْمَبِيعَ. وَقِيلَ: نِصْفَهُ. وَقِيلَ: لَا يَسْتَحِقُّ مُطَالَبَتَهُ بِثَمَنٍ وَمُثَمَّنٍ مَعَ خِيَارِ شَرْطٍ. انْتَهَى. قُلْت: أَمَّا أَخْذُ الْمَبِيعِ كُلِّهِ: فَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْبَائِعِ. وَكَذَا أَخْذُ نِصْفِهِ، لِلتَّشْقِيصِ. فَالْأَظْهَرُ: أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ الْمَبِيعِ حَتَّى يَأْتِيَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَمِثْلُهُ الْمُؤَجِّرُ بِالنَّقْدِ فِي الْحَالِّ.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ " وَالْمُشْتَرِي مُعْسِرًا " أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُوسِرًا مُمَاطِلًا لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ [وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الْحَالِّ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ إلَّا الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ. فَإِنَّهُ قَالَ: لَهُ الْفَسْخُ] .
قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ: حَجَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي مَالِهِ كُلِّهِ حَتَّى يُسَلِّمَهُ) .
هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقِيلَ: لَهُ الْفَسْخُ.

الصفحة 459